مقدمة

شغلت الحركات الإسلامية والجهادية في سوريا الاهتمام الدولي، حيث شهدت سوريا تحولات كبيرة نتيجة تطور الحرب السورية، بالتوازي مع تحولات عنيفة ودموية شهدتها الحركات الإسلامية المختلفة وبالأخص التنظيمات الجهادية منها، على مستوى الأيديولوجيا والبنية والتحالفات، وتشغل قضية السياسة وشكل الدولة وتطبيق الشريعة أهم شعارات الصراعات النظرية بين هذه التنظيمات، بينما يدور تنافس دائم على النفوذ والموارد وإدارة المناطق، ولكن لم يكن ثمة مجال عام في سوريا ما قبل الثورة يسمح بنشوء “حركات إسلامية” أو حتى “إسلاميين” خارج إطار المؤسسة الدينية التقليدية، في حين أتاحت الثورة السورية مساحة استثنائية لنشوء وتمدد وتحولات الإسلاميين الجدد أو التيارات الإسلامية الوافدة، منذ بداية الثورة السلمية وبدرجة أكبر بعد تحولها للسلاح، وتضاعف ذلك مع توسع المناطق المحررة وظهور المشاريع المتنافسة على الأرض أو شرعية تمثيل الإسلام الصحيح داخليًّا أو صراعات السياسة حول سوريا خارجيًّا، وقد شهدت سوريا مرحلة من التمايز من الحراك الثوري إلى صعود لخطاب السلفية الجهادية عام 2013 قبل أن تمر الحركات المحلية بمرحلة مراجعات مستمرة وتطور في الرؤى السياسية والعلاقات الدولية، ولم يكن تنظيم داعش منفصلا عن موجة التأثر بهذا الواقع والتحولات الذي انفصل عنه فرعه السوري ليعمل باسم جبهة فتح الشام. تقدم هذه الدراسة شرحا” لأهم الحركات الجهادية الحالية في سوريا باستثناء هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش حيث سنقوم بفرز دراسة خاصة ومستقلة لكل منها:

الحزب الإسلامي التركستاني 

هو عبارة عن مقاتلين من المسلمين الإيغور قدموا من موطنهم في الصين(إقليم شين‌جيانگ، غربي الصين) أواخر عام 2013، بأعداد قليلة مع عوائلهم إلى سوريا تحت راية “الجهاد” عبر الأراضي التركيّة، قبل أن يتحولوا تدريجاً إلى نواة لواحدة من أشد المجموعات «الجهاديّة» تنظيماً، كما دشن الحزب نشاطه في استقطاب «المجاهدين الأويغور» داخل الأراضي التركيّة بإطلاق موقع إلكتروني «جهادي» باللغة التركيّة، ومجلّة تركستان الإسلاميّة الصادرة عنه. منطلقا من أنه «إذا كانت الصين لديها الحق بدعم الأسد في سوريا، فنحن لدينا الحق بدعم السوريين المسلمين»، وفقاً لما جاء في عدد آذار 2013. وجعل الحزب من سوريا قاعدة ثانية للعمليات المتقدمة له بعد أفغانستان في السنوات الأخيرة». أسهمَ العدد الكبير للاجئين الأويغور في تركيا (نحو 20 ألفاً) بسهولة استقطاب مقاتلين من بينهم، للانضمام إلى «الحزب» الذي اتّخذ من الأراضي التركية مسرحاً أساساً لنشاطه، بغضّ نظر ودعم وتسهيل واضح من الجانب التركي. وتؤدي «جمعية التضامن والتعليم لتركستان الشرقية» دوراً محوريّاً في عمليات ضم المقاتلين، وتجهيزهم للتوجه إلى سوريا، تحت غطاء «تقديم الدعم الإنساني إلى الشعب السوري.

استقر التركستان بداية في جبال الساحل والريف الغربي لإدلب، ضمن مناطق حدودية مع تركيا، وليزداد عددهم عام بعد آخر، حتى مطلع العام الـ 2016، حيث وصل عدد مقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني إلى نحو 7000 مقاتل، كما انضم لهم عدد كبير من السوريين، ممن كانوا مقاتلين سابقين بفصيل “جند الأقصى” ومقاتلين من حلفايا بريف حماة وغيرهم، فضلاً عن كتيبة الغرباء المنضوية تحت راية التركستان، وهم مقاتلون من الجنسية الفلسطينية.، و بعد أقل من عام على ذلك تم الإعلان عن تشكيل “الحزب الإسلامي التركستاني” في أواخر عام 2014، بقيادة (عبد الحق التركستاني)، وبدء التركستان بأول معركة رسمية باسمهم الصريح، وهي “معركة مدينة جسر الشغور” في نيسان من عام 2015، والتي أكسبتهم الشهرة الأكبر بين التنظيمات بعد مساهمتهم الكبرى بالسيطرة على المدينة وقرى وبلدات بريفها برفقة بقية الفصائل، حيث لعب التركستان خلال هذه المعارك دور رأس الحربة عبر العمليات الانتحارية من تفجير مفخخات وتفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة وقتل منهم الكثير خلال هذه المعارك، لذلك تعتبر مدينة جسر الشغور ذات قيمة رمزية للتركستان الذي نصبوا رايتهم في وسط المدينة منذ ذلك الحين إلى يومنا هذ، كما شارك مقاتلو «التركستان» في العديد من المعارك في الشمال السوري (إدلب، وريف حلب) بأعداد محدودة، تحت راية «جبهة النصرة» حيناً، وراية «أحرار الشام الإسلاميّة» حيناً، و«جيش الفتح» إبّان معارك إدلب الأخيرة.

انتشر التركستان في مناطق ممتدة من مدينة جسر الشغور وريفها الغربي حتى جبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية الشمالي بالإضافة لسهل الغاب، حيث كانت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أقدمت على إعطاء التركستان عدداً من القرى “كـعربون صداقة” كانت جبهة النصرة قد سيطرت عليها سابقاً ، وأصبحت تعتبر كثير من هذه المناطق بمستوطنات للتركستان ومن أبرزها قريتي الزنبقي وكترين الجبليتين اللتين تعتبر آمنة نوعا ما بسبب قربها من الحدود التركية والذي يقيها من الضربات الجوية والاستهدافات وتحتوي على معسكرات تدريب، كما يوجدون في قرية شندريش معسكرات أخرى للتركستان كسد الشغر الذي تعرض لعشرات الاستهدافات الجوية من قبل طائرات السورية والطائرات الروسية
فضل التركستان بداية الانعزال وحدهم ضمن مناطق لا يوجد بها سواهم، بسبب اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد، إلا أن الحال تبدل مع مرور الوقت ومع ازدياد أعدادهم، حيث بات التركستان يشاركون السوريين ضمن مناطقهم ويختلطون بهم، كقرى كان يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية إبان سيطرة القوات الحكومية عليها، وباتت الآن تحت سيطرة التركستان كاشتبرق وغيرها، بالإضافة لقرى حلوز والعالية والغسانية وكفردين والجميلية وكاورغو، التي تخضع لسيطرتهم مع سيطرة تحرير الشام، كذلك نشط التركستان في التجارة والزراعة وبيع المحاصيل الزراعية بعد السيطرة على عديد القرى، سواء من أهالي اضطروا للنزوح إبان المعارك في ريف جسر الشغور وجبال الساحل وغيرها، أو من خلال الاستيلاء عليها بفتاوى من الشريك الرئيسي وهو هيئة تحرير الشام، فأصبحت التجارة وبيع المحاصيل أحد مصادر الدخل والدعم المادي للتركستان في المنطقة، فضلاً عن “الغنائم” التي استولوا عليها من معارك سابقة في سهل الغاب وجبال اللاذقية والريف الغربي لإدلب، وكان آخرها غنائم كفريا والفوعة اللتين كان يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية وجرى تهجيرهم بموجب اتفاق دولي مقابل تهجير مواطنون من الطائفة السنية من قرى في ريف دمشق.

أعلنت موسكو هذه الجماعة تنظيماً محظوراً منذ عام 2006، وتنظر بكين إلى أعضاء «الحزب الإسلامي» باعتبارهم إرهابيين انفصاليين، كما وتعتبره واشنطن أحد أذرع طالبان في تركستان الشرقية والعالم

 

حراس الدين

هو عبارة عن جماعة مؤمنة ومرتبطة بنهج تنظيم القاعدة، وجاء تشكيل “حراس الدين” كعملية تمرّد داخل تحرير الشام بدأت ملامحها منذ عام ٢٠١٦، حين انفصلت هيئة تحرير الشام “النصرة سابقاً” عن القاعدة، وتزامن تشكيل “حراس الدين” مع اقتتال عنيف كان يشهده الشمال السوري بين هيئة تحرير الشام، وجبهة تحرير سوريا (أحرار الشام والزنكي).

يقود التنظيم سمير حجازي (أبو همام الشامي)، الذي كان عضوا سابقا في جماعة هيئة تحرير الشام فرع تنظيم القاعدة في سوريا بين عامي 2013 و2016، كما غادر أبو جليبيب طوباس وأبو خديجة الأردني، أعضاء مجلس شورى حراس الدين، جبهة فتح الشام في عام 2016 بسبب ما تردد عن فك ارتباطها عن القاعدة وقتل كلاهما عام 2018. وكان طوباس والشامي وسامي العريدي قد اعتقلوا من قبل تحرير الشام في نوفمبر 2017 في محاولة لدرء تشكيل جماعة تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا ليتم الإفراج عنهم لاحقا.

ينتشر تنظيم حراس الدين بشكل أساسي في مواقع متقدّمة على خطوط التماس مع قوات النظام، وتحديدا في ريف حماة الشمالي، وجبل التركمان بريف اللاذقية، وريف حلب الجنوبي، بالإضافة إلى جبل باريشا وجبل الزاوية بريف إدلب الغربي، بالقرب من نقاط المراقبة التركيّة، ومحيط الطريقين الدوليينM4  و M5، حيث يركز التنظيم انتشاره في مناطق حسّاسة في سياق مواجهة النظام بشكل أساسي، ويبلغ عدد مقاتلي التنظيم ما يقارب 2000 عنصر، أغلبهم من الجزيرة العربية، ويُطلق عليهم اسم “الجزراوية”، وينضوي تحت لواء حراس الدين العديد من الفصائل، التي عمل أغلبها سابقا في إطار تحرير الشام، منها “جيش الملاحم”، و”جيش الساحل”، و”جيش البادية”، و”سرية كابل”، و”جند الشريعة”.

وفي الوقت الذي التزمت فيه أغلب فصائل الشمال السوري باتفاقات خفض التصعيد، وقبلت بنشر الجيش التركي لنقاط مراقبة في الداخل السوري، رفض تنظيم “حراس الدين” هذه الاتفاقات وشارك في تأسيس غرفة عمليات جديدة أطلق عليها اسم “وحرض المؤمنين” أعلنت استمرارها في العمليات العسكرية، ورفض التنظيم أيضا اتفاق سوتشي ووصفه بـ”المؤامرة الكبرى.

وفي 2019، صنفت وزارة الخارجية الأميركية رسميا تنظيم “حراس الدين” كمنظمة إرهابية أجنبية، وعرضت مبلغا ماليا في إطار برنامج “المكافآت من أجل العدالة” لقاء معلومات عن ثلاثة من قادتها، بينهم العريدي، وتلقى التنظيم ضربات قوية من قبل التحالف استهدفت قادته المؤثرين، لما يملكونه من شرعية جهادية بأوساط عناصر التنظيم، ولعل أهم ما يملكه هؤلاء القادة الذين اغتيلوا هو قدرتهم على الدعاية لمنهجهم وجذب المناوئين لتحرير الشام إلى صفوف “حراس الدين”.

ويزعم التنظيم أنه شن حوالي 200 هجوم منذ إنشائه في مجموعة متنوعة من المناطق الريفية والبلدات الصغيرة، بما فيها 12 موقعا في محافظة حلب، و16 في محافظة حماة، و7 في محافظة إدلب، و15 في محافظة اللاذقية، ومؤخرا في  يناير 2021 ، سقط عدد من الجنود الروس جرحى بانفجار سيارة مفخخة قرب قاعدة لهم في تل السمن، بالريف الشمالي لمحافظة الرقة (شمال شرقي سوريا)، في هجوم تبناه التنظيم ، ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه مباشرة لفصيل متشدد ضد القوات الروسية في الرقة، كما أنه الأول أيضاً الذي ينفذه «حراس الدين» خارج منطقة تمركزه في إدلب، شمال غربي سوريا.

وعلى الرغم من تعرض الكثير من قياداته لاستهداف أميركي، أو خسائره على الأرض، بفعل الحملات الأمنية التي تقودها “تحرير الشام”، حيث بقي لدى حراس الدين بعض القيادات الميدانية، وآخرين كسامي العريدي وأبو همام الشامي، بالإضافة إلى أمراء تعتقلهم تحرير الشام في سجونها، إلا أنه لايزال يحتفظ بمجموعات صغيرة تعمل خلف الخطوط”، و لا يزال يحافظ على التواصل مع تنظيم القاعدة الأم، وله أيضا شبكة تمويل مالي مستمرة، ولكنه تحجم بشكل كبير عقب حملات هيئة تحرير الشام التي اتخذت قرارها بالقضاء على حراس الدين بموافقة تركية لتقديم نفسها كتنظيم يجب التحاور معه”.

الجهاديون القوقازيون

بدأ ظهور مجاهدو القوقاز بشكل فعال في الحرب السورية في أيار 2013، وتوزعت أفرادهم في التنظيمات الإسلامية المتشددة كافة، وشكل مجاهدو القوقاز واحدة من أهم مجموعات المقاتلين الأجانب في سوريا، و تكون أول فصيل جهادي شيشاني عام 2012 وعرف باسم “كتيبة المهاجرين”،  الذي مهّد لظهور «جيش المهاجرين والأنصار»، بقيادة أبي عمر الشيشاني، والذي انضم لـتنظيم داعش، بينما ظل عدد كبير من أفراد كتيبته تحت راية جبهة النصرة ، وهنا توزعت الولاءات القوقازية ما بين «داعش والنصرة»، لتنتهي فترة التشرذم بالإعلان عن تنظيمات جهادية مستقلة عن «داعش والنصرة» وتضم مقاتلي القوقاز فقط بحجة المنهج التكفيري المتبع في كل منهما، ومن أبرز هذه التنظيمات (جند الشام، أجناد القوقاز، جيش العسرة، وهناك تنظيمات أخرى انشقت عن التنظيمات القوقازية، مثل تنظيم «سيف الله الشيشاني»، الذي انفصل عن تنظيم «أبو عمرو الشيشاني) والتي سنقوم بدراسة مفصلة لها لاحقا.

نجحت السلطات الروسية في إضعاف المقاومة المحلية في القوقاز من خلال السماح لهؤلاء المقاتلين بنقل الصراع إلى سوريا، حيث سهلت لهم الخروج من شمال القوقاز إلى سوريا عبر البوابة التركية، بالإضافة لبعض العوامل المشجعة للقوقازيين للذهاب والجهاد في سوريا أبرزها صعوبة الجهاد في جمهوريات الشيشان وداغستان بسبب أسلوب البطش الذي استعمله الأمن الروسي تجاههم، وينتظم غالبية هؤلاء  في مجموعات تدين ببيعات لتنظيم القاعدة. منها ما هو مُباشر، ومنها ما هو عبر فرعه في سوريا جبهة النصرة.

كان المقاتلون من شمال القوقاز يشكلون نسبة كبيرة من قوة القتال الجهادية في سورية، وقدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العام 2017 عدد المواطنين الروس الذين يقاتلون في سورية في ذلك الحين بنحو 4.000 مقاتل، وهو ما يتوافق مع العديد من التقديرات المستقلة، وتنحدر أكبر مجموعة من هؤلاء المقاتلين من داغستان.

جبهة أنصار الدين

هو تحالف جهادي أعلن عنه في 25 تموز 2014، ويضم التحالف جماعتين: حركة شام الإسلام وحركة فجر الشام الإسلامية وقد أعلن أنه لا ينتمي إلى أي أطراف أخرى، وكانت الكتيبة الخضراء من الموقعين والمنضمين لهذا التحالف، ولكن في تشرين الأول 2014 بايعت الكتيبة زعيم جيش المهاجرين والأنصار وأدمجت في ذلك الفصيل، الذي أعلن انفصاله عن التحالف ومبايعة جبهة النصرة في 23 أيلول 2015،  حاول التحالف الحفاظ على الحياد في النزاع بين داعش والجماعات الأخرى، ولدى الجماعات المنضوية في التحالف انتماءات متعددة؛ معظم أفراد حركة فجر الشام الإسلامية سوريون من منطقة حلب، بينما شكل حركة شام الإسلام مقاتلون مغاربة، فيما ضمت الكتيبة الخضراء بشكل أساسي مقاتلين من السعودية وشكل مقاتلون شيشان وغيرهم من الناطقين بالروسية جيش المهاجرين والأنصار.

في 10 ديسمبر 2016 أعلن التنظيم في بيان “قررت مكونات جبهة أنصار الدين وكتائبها المتمثلة بحركة فجر الشام الإسلامية، بقيادة الدكتور أبي عبد الله الشامي، وحركة شام الإسلام بقيادة أبي محمد البيضاوي، إعلان الاندماج الكامل والانصهار التام”، على أن يقود التشكيل الجديد أبو عبد الله الشامي”.

جماعة شام الإسلام

تأسست الجماعة في آب 2013 من قبل ثلاثة محتجزين مغاربة تم إطلاق سراحهم من معتقل غوانتانامو، إبراهيم بنشقرون وأحمد ميزوز ومحمد العلمي، وبرزت حركة شام الإسلام لأول مرة بسبب الدور الذي لعبته في هجوم “كسب” في اللاذقية 2013، وفي السنة التالية كانت الجماعة واحدة من بين ثلاث فصائل رئيسية، شاركت في هجوم اللاذقية 2014، إلى جانب جبهة النصرة وأنصار الشام، وخاضت معارك في محيط مستشفى الكندي وسجن المركزي في حلب .

فقدت الجماعة أبرزت قادتها وهم إبراهيم بنشقرون المعروف بـ”أبو أحمد المهاجر “وهو مؤسس وأمير شام الإسلام، وأبو أحمد المغربي الذي كان يشغل أمير الاقتحاميين والرأس المدبر للهجوم على ريف اللاذقية اللذين قتلا على يد النظام السوري في معركة اللاذقية، ، كما قتل أبو صفية المصري الذي كان يشغل القائد العسكري الميداني لشام الإسلام، وأبو حمزة المغربيى الذي شغل قائد عسكري وميداني على إحدى جبهات اللاذقية، ليتراجع أداء الحركة بشكل كبير ولم تعد فاعلة في الميدان، وقد “انحلت الهيئة الشرعية للحركة وانضم أغلب أعضائها إلى جبهة النصرة وتنظيم داعش.

 لقد كانت حركة شام الإسلام تنظيما مرتبطا بشخص بنشقرون وبالتالي مات تنظيمه بوفاة قائده، ويقود التنظيم حاليا محمد مزوز المعروف في سوريا بـ”أبي العز المهاجر” الذي بويع أميرا للتنظيم ويعتبر أحد أبرز معتقلي غوانتنامو وأحد مؤسسي حركة شام الإسلام بسوريا، الذي التحق بالصفوف الأولى للحرب المشتعلة في سوريا.

وضعت الولايات المتحدة الأمريكية حركة شام الإسلام التي تضم أكبر عدد من المقاتلين المغاربة في سوريا ضمن لائحة الإرهاب العالمي التي تصدرها الخارجية الأمريكية .

حركة فجر الشام الإسلامية

تأسست الحركة منتصف عام 2012 على أيدي عدد من الشبان في ريف مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي، لتشارك في معارك تحرير مدينة دارة عزة وأجزاء كبيرة من ريف حلب الغربي وصولا الى تحرير أجزاء كبيرة من مدينة حلب، كما خاضت معارك كثيرة تحت اسم حركة فجر الإسلامية، قبل أن تنضم الى حركة أحرار الشام الإسلامية وتشارك بمعارك تحت اسمها ثم ما لبثت أن انفصلت عنها وليصبح اسمها على ما هو عليه الآن ” حركة فجر الشام الإسلامية “، كما ساهمت الحركة بتأسيس جبهة أنصار الدين والتي وضعت على اللائحة السوداء الأمريكية الخاصة بالمنظمات الإرهابية، تحوي الحركة على نسبة صغيرة لا تتجاوز 5% من المقاتلين العرب والأجانب، الذين يقاتلون الى جانب الحركة في معاركها ضد النظام جلهم من الجنسية التركية، وهي كانت واحدة من أكبر الفصائل في حلب، ويتزعمها الطبيب “أبو عبد الله الشامي”؛ أحد المعتقلين الإسلاميين السابقين في سجن صيدنايا الشهير، كما تعتبر حركة فجر الشام من أقدم الحركات المقاتلة الإسلامية في مدينة حلب وريفها، وقد اعتمدت النهج الإسلامي منذ بداية تأسيسها وهي كباقي المجموعات الإسلامية تعمل بشكل منظم ومؤسساتي ضمن مكاتب عدة، وقدمت الحركة منذ تأسيسها الكثير من الشهداء في عدة معارك كان أبرزها معركة تحرير بلدة خناصر الإستراتيجية ومعركة تحرير الجندول.

تنسيقية الجهاد

أُسست “تنسيقية الجهاد” في منتصف عام 2020، من قبل القيادي المنشق عن هيئة تحرير الشام “أبو العبد أشداء”، وانخرطت التنسيقية فيما بعد ضمن غرفة عمليات أُطلق عليها اسم “فاثبتوا”، والتي تم تشكيلها في 12 حزيران عام 2020، وتم تفكيكها وتفريق مكوناتها بعد 10 أيام فقط من التأسيس.

وكانت تحرير الشام قد اعتقلت أبو العبد أشداء في مقره في ريف المهندسين جنوب غربي حلب في 12 أيلول2019، وأصدرت قراراً بإعفائه من كافة مناصبه القيادية، من بينها قيادة “جيش عمر بن الخطاب التابع لهيئة تحرير الشام، وذلك على خلفية تصريحاته المناهضة لقيادة الهيئة، والتي تحدث فيها عن الفساد الإداري والمالي والأخطاء التي ارتكبها قادة الصف الأول، ووجه “أشداء” حينها انتقادات لاذعة لقيادته بشأن الأداء العسكري في معارك حماة الشمالي التي بدأت في أيار2018، والتي كانت السبب في خسارة المناطق واحدة تلو الأخرى بحسب ما زعم “أشداء” في اتهاماته لقيادة الهيئة، وتم إحالته إلى القضاء العسكري، بسبب “الافتراء والكلام الذي لا يخدم إلا أعداء الأمة ويشق الصف”، بحسب بيان صدر عن الهيئة، وتم اعتقاله بعد مداهمة مقر له في ريف حلب الغربي، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين، قبل أن تفرج عنه الهيئة في وقت لاحق بعد تدخل وساطات من مدينة حلب التي ينحدر منها “أبو العبد”.

حيث ينحدرأبو العبد أشداء من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وتنقل بين فصائل إسلامية وجهادية عديدة، انشق عن “أحرار الشام” نهاية عام 2016، برفقة أكثر من 200 مقاتل كانوا بقيادته في كتيبة “مجاهدو أشداء” التي خرجت مع باقي فصائل المعارضة في اتفاق إخلاء الأحياء الشرقية الذي وقع مع النظام نهاية العام 2016، وبداية العام 2017، انضم “أشداء” وكتيبته إلى صفوف “تحرير الشام”، وتولى قيادة الكتلة العسكرية لحلب المدينة، ثم أصبح قائدًا ل”جيش عمر بن الخطاب”، وتسلم مهاماً إدارية ومناصب عدة في “تحرير الشام”.\

يعتبر المصريان أبو الفتح الفرغلي وأبو اليقظان المصري اللذان انشقا عن “تحرير الشام” بعد إعلانها تأييد عمليتي “درع القرات” و”غصن الزيتون” التركيتين شمال حلب، وأبو العبد أشداء وعصام الخطيب اللذان التحقا بزميليهما بعد ذلك بأشهر، عقب خسارة الفصائل منطقة شرق سكة الحجاز في ريفي إدلب وحماة لصالح قوات النظام، بعد أن حملا الجولاني وقادته المسؤولية واتهموهم بالفساد والتقصير، هم قادة “تنسيقية الجهاد” الوليدة، ويقدر عدد عناصر التنسيقية بنحو مئتي عنصر.

لواء المقاتلين الأنصار

أعلن أبو مالك التلي القيادي السابق في هيئة تحرير الشام وبعد استقالات متكررة واستنكاف ومقاطعة لقيادة “تحرير الشام” ثم عودة عن كل ذلك ومصالحات معها..الخ  عن تشكيل فصيله الخاص الذي حمل اسم “لواء المقاتلين الأنصار” عام 2017، وهي تعتبر صفعة جديدة يتعرض لها أبو محمد الجولاني بإعلان التلي انشقاقه الرسمي بينما تبدو مكاسب منافسيه في تنظيم “حراس الدين” مضاعفة، في الوقت الذي يؤكد الكثيرون أن هذا التحالف الوليد لن يلبث أن ينفرط عقده خلال وقت لن يكون طويلاً.

يعتبر جمال زينية ( أبو مالك التلي) أحد مؤسسي “جبهة النصرة”، ومنذ العام 2012 قاد فرع التنظيم في منطقة القلمون بريف دمشق، الفرع الذي كان أحد أهم تشكيلات “النصرة” بسبب الموقع الاستراتيجي الذي تحكم به، أي طرق التهريب واستقبال المقاتلين القادمين من الخارج عبر لبنان، لكن المرة الأولى التي تردد اسم التلي فيها بوسائل الإعلام كان في صيف عام 2013، عندما اندلعت المواجهات بين “جبهة النصرة” وبقية الفصائل من جهة، وبين تنظيم “داعش” من جهة أخرى، وقتها خرج التلي ليؤكد أن مقاتلي “داعش” في القلمون تحت حمايته، بعد أن اعتبر أنهم مختلفون عن قيادتهم ولا يؤيدون ممارساتها.

لاحقاً ومثل كل المناطق الأخرى، وجد التلي نفسه بمواجهة مقاتلي “داعش” في القلمون بالنهاية، لكن بعد أن كشف عن نفسه كأحد الوجوه المتشددة في “النصرة”، والتي ستقسم التنظيم لاحقاً وتتسبب بإضعافه، ورغم الصورة الايجابية التي ظهر عليها فرع “الجبهة” في القلمون، خلال ما عرف بقضية راهبات معلولا، والتي قاد ملف المفاوضات حولها التلي نفسه، إلا أن صورة القيادي المتشدد ظلت أكثر التصاقاً به.

جنى أبو مالك ملايين الدولارات جراء صفقة إطلاق سراح الراهبات المسيحيات اللاتي تم احتجازهن من قبل مقاتليه في مدينة معلولا عام 2014، لكن الرقم الحقيقي ظل محل تجاذب بين التلي وقيادة “النصرة”، التي تركت المسألة معلقة تستخدمها في كل مرة كان التلي يعترض فيها على الجولاني، وما بين مليون دولار وأربعة ملايين تراوح الرقم، لكن ثروة فرع “النصرة” في القلمون يعتبر برأي الكثيرين أكبر من ذلك بكثير، والحديث يدور عن مبالغ طائلة جناها التلي من عمليات تبادل الأسرى والجثث مع “حزب الله” والنظام، ومن عمليات التهريب وتجارة السلاح التي أتاحها له تحكمه بعدد من أهم منافذ التهريب.

وبغض النظر عن الرقم الحقيقي للثروة، إلا أن قيادة “جبهة النصرة” التي يتحكم بها الجولاني وأبو ماريا العراقي تركت للتلي حرية التصرف بها، لكن مقابل الصمت عن المقابل الضخم الذي يقال إن “النصرة” حصلت عليه جراء صفقة المدن الأربع الشهيرة عام 2017، والتي انتقل بموجبها التلي أيضاً من القلمون إلى إدلب، وهناك بدأ الأخير باستثمار الأموال التي بحوزته في مشاريع اقتصادية رائجة،  مثل تجارة المواد الغذائية والعقارات والصيرفة وتحويل الأموال.

يمكن القول إن هذه الثروة هي أهم نقاط القوة التي تجعل من التلي محل اهتمام كبير من تنظيم “حراس الدين”، الذي كان منذ اللحظة الأولى لانشقاق قادته عن “جبهة النصرة” عام 2016، وإعلانهم الفصيل الجديد عام 2017، يأملون بالتحاق أبو مالك بهم، لكن إلى جانب الثروة، أكد التلي أنه يمتلك من الحنكة ما يكفي للاستفادة من تناقضات المحيطين به والاستثمار فيها أيضاً، وهو ما تؤكده خطوته الأخيرة بإعلانه التحالف مع الحراس وليس الالتحاق بهم، أي الوقوف بمنتصف الطريق، ويقدر عدد هذا التشكيل بنحو 300 مقاتل تقريبا.

الكتيبة الخضراء

الكتيبة الخضراء هي عبارة عن جماعة جهادية نشطت خلال الثورة السورية وقد تم تشكيلها عام 2013 بواسطة محاربين سعوديين قدامى شاركوا في حرب العراق وحرب أفغانستان، وقاتلت المجموعة إلى جانب جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ضد قوات الحكومة السورية، وقد ظلت مستقلة ونأت بنفسها عن النزاع بين داعش والجماعات الأخرى، وأعلنت الجماعة في 25 تموز 2014 عن اندماجها مع جبهة أنصار الدين، لتعلن الجماعة لاحقا ولاءها لجيش المهاجرين والأنصار بحلول تشرين الأول 2014.

أنصار الإسلام

هم عبارة عن امتداد لجماعة أنصار الإسلام العراقية التي تتبنى السلفية الجهادية، ولكنهم مقاتلين مستقلين ولا يتبعون أي جماعة جهادية، وكان أغلب قادة هذا التشكيل عراقيون، تأسست ما تعرف بجماعة أنصار الإسلام، في عام 2012 ، وكانت هذه الجماعة قوية في بدايتها ودخلت في خلافات مع ما تعرف بهيئة تحرير الشام، خاصة أنها كانت تمتلك كما هائلًا من السلاح والعتاد وعددًا كبيرًا من العناصر، وكانت تعتمد على أسلوب حرب الشوارع، وكانت تمتلك عددًا كبيرًا من الدبابات وصواريخ الـ «ار بي جي»، التي استخدمتها في الهجوم على مواقع النظام السوري بدمشق خلال عام 2013، وفي نهاية 2013 بدأت الجماعة فى الانهيار بسبب الخلافات والنزاعات الشخصية بين قياداتها وعناصرها.

في 21 آذار عام 2014 استطاعت الجماعة من جديد أن تؤسس فرعًا لها في ريف دمشق الجنوبي والقنيطرة، عبر اندماج ( لواء أسامة بن زيد، العز بن عبد السلام، كتيبة العاديات)، وفي شباط عام 2015 أعلنت تأسيس القطاع الشمالي لها في محافظة إدلب، وتنشط بشكل أساسي في ريف اللاذقية الشمالي، كما انضمت الجماعة لغرفة عمليات وحرّض المؤمنين التي شُكلت في تشرين الأول 2018، وشاركت في المعارك إلى جانب فصائل المعارضة ضد قوات النظام والميليشيات الرديفة، في دمشق وريفها، ومعارك الحسكة، والسيطرة على الرقة، ومعركة مطار منغ العسكري في حلب، وحصار سجن حلب المركزي ومعارك حلب وفك الحصار عنها، ومعارك حماة والساحل وأريافها، والسيطرة على محافظة إدلب، و تضم الجماعة نحو 300 مقاتل منتشرين على الجبهات ضد النظام السوري في الجبال الساحلية شمال غرب سوريا، وتسعى الجماعة لمحاربة النظام السوري وحلفائه ، و لا تتدخل في الحكم وإدارة الشؤون في إدلب، وليس لديها دعم شعبي أو إعلامي، وليس لديها أيضًا المقدرة على جذب الشباب، ما يجعلها غير ذات أهمية وغير مهددة لهيئة تحرير الشام.

أنصار التوحيد

يعتبر هذا التشكيل امتدادًا لفصيل جند الأقصى الذي أُسس منتصف عام 2012، على يد “أبو عبد العزيز القطري”، الذي لقي مصرعه في ظروف غامضة عام 2014، ووجدت جثته في بلدة دير سنبل، قرب مقر “جبهة ثوار سوريا” (المنحلة)، واتُّهم جمال معروف قائد الجبهة بتصفيته، وانتهج “جند الأقصى” السلفية الجهادية، وقد امتنع عن قتال تنظيم الدولة بشكل كلي، واتهموا بأنهم خلايا نائمة لتنظيم الدولة، ويبلغ عدد مقاتليهم بين 800 و1000 عنصر، ونتيجة لاستمرار خروق “جند الأقصى” للاتفاقات واستمرار “بغيه” على الفصائل وتكفيرها جميعاً، أعلنت هيئة تحرير الشام في 13 شباط 2017 ببيان صادر عنها عن بدء عملياتها العسكرية ضده، وفي منتصف شباط 2017 وبعد بدء المعارك بين هيئة تحرير الشام وجند الأقصى، ارتكب الأخير مجزرة بحق نحو 70 مقاتلاً من فصائل المعارضة في منطقة الخزانات بالقرب من مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، وبعد 5 أيام من الاشتباكات العنيفة في أرياف حماة وإدلب، ومقتل العشرات من الطرفين، توصّل الفصيلان إلى اتفاق يقضي بالسماح لعناصر جند الاقصى بالخروج باتجاه مناطق سيطرة تنظيم الدولة حينها في الرقة بسلاحهم الخفيف فقط، وإطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين.

وفي آذار من عام 2018 أعلنت المجموعات التي كانت منضوية ضمن تنظيم “جند الأقصى”  والتي بقيت في مدينة سرمين والذين هم غالبيتهم من هذه المدينة عن تشكيل فصيل “أنصار التوحيد” بالتزامن مع وصول عدد من الهاربين من عناصر تنظيم الدولة إلى مناطق المعارضة بعد خسارة التنظيم لمساحات واسعة لصالح قسد والتحالف الدولي، وفي أواخر نيسان من عام 2018، أعلن تنظيم “حرّاس الدين” التابع لـ تنظيم القاعدة وفصيل أنصار التوحيد، اندماجهما ضمن حلف واحد حمل اسم “حلف نصرة الإسلام”.

وفي تشرين الأول 2018 شكّل أنصار مع كل من “تنظيم حراس الدين وجبهة أنصار الدين وجبهة أنصار الإسلام” غرفة عمليات “وحرض المؤمنين”، وفي منتصف عام 2020 أعلن فصيل “أنصار التوحيد” العامل في إدلب والأرياف المحيطة بها، استقلاله الكامل وفك ارتباطاته بكل الكيانات الداخلية والخارجية، ومن بينها غرفة عمليات “وحرض المؤمنين” الذي كان منضوياً فيها، وبقيت النواة العسكرية لأنصار التوحيد بقيادة خالد خطاب، وهو نفسه القائد العسكري لجند الاقصى واتخذوا من سرمين التي ينتمي معظم مقاتليها لتنظيم الدولة مقراً لهم، وبدأوا بمساندة الفصائل وبتنسيق مع التركستان ومع الجماعات المهاجرة والمقربة من القاعدة، بالقيام بعمليات انغماسية وعمليات صد لتقدم الجيش النظامي حتى انتهت المعارك بتثبيت نقاط المراقبة التركية، ليستمر بعدها وجود أنصار التوحيد، رغم شح الإمكانات والموارد ومضايقة بقية الفصائل ومنعهم من القيام بأي عمليات عسكرية غير مرضي عنها، ومصادرة الهيئة للقرار العسكري في الشمال السوري بعد ابتلاعها كبرى الفصائل، ليسود نوع من الاختلاف والتباين والتوتر بين الطرفين، فلاحقت الهيئة عناصر وقادة أنصار التوحيد نتيجة تمردهم على قرارات الهيئة، ومطالبهم باسترداد المال والسلاح المسلوب، وأحياناً بسبب قيامهم بأعمال عسكرية بدون الرجوع والتنسيق مع الهيئة كأكبر فصيل مسيطر على الساحة، لكن فيما بعد، بدأ التنسيق العسكري مع الهيئة حيث فرضه الواقع العسكري، وتقدم النظام عسكرياً بدعم روسي، وسبب التنسيق معهم يرجع أيضاً الى الاستفادة من نوعية المقاتلين الذين يمتلكهم الأنصار، وخبرتهم وتمرسهم العسكري، في معارك أشد ماتحتاج للمقاتل العقائدي والمدرب جيداً.

وقد أعلن الأنصار مراراً عن رفضهم وأنهم غير معنيين بالاتفاقات والمعاهدات الدولية كأستانة وسوتشي وجنيف، لما يتعارض مع مبادئهم وايديولوجيتهم الجهادية، مما جعلهم هدفاً للتحالف الدولي والروس، كان آخرها الضربة التي وجهها التحالف معسكر لأنصار التوحيد في بلدة كفريا بالقرب من ادلب.

خاتمة

نشأت الظاهرة الإسلامية في سوريا من واقع الصراع والفوضى، ولم تختبرهذه التشكيلات نفسها في بيئة مستقرة أو نظام سياسي مسبقا، ماجعلها تتسم بدرجة كبيرة من المرونة والتحولات والصراعات البينية، ولكن الحراك الثوري السوري كان دافعًا دائمًا لتحولات أيديولوجية وخطابية واستراتيجية في الحركات الإسلامية والجهادية الوافدة، ويمكن قراءة التحولات المستمرة للظاهرة ضمن التحدي والاستجابة المستمرة في واقع صراع معقد ومتطور دومًا، وشكل الضعف التنظيمي وغياب الأطر الهيكلية الجامعة للجيش الحر دافع كبير لهذه الحركات الجهادية للتوسع المستمر في الشمال السوري خاصة، وهو الضعف نفسه الذي يعانيه التيار الإسلامي غير المنتمي للتيار الجهادي أو السلفي، وهو الأقرب للمؤسسة التقليدية أو لأفكار الإسلام السياسي والحركي، ولكنه ضعف تفرضه هيمنة الواقع الفصائلي، في وقت تتجه الخارطة الفصائلية في سوريا عامة، وفي الشمال السوري خاصة، نحو تشكيلات أقل واندماجات أوسع، فيما لو لم تحل فصائل الجيش الحر أزمتها الهيكلية ضمن مظلة جامعة، وبالتالي التخلص من هذه التنظيمات سواء بالعمل العسكري او بالانخراط ضمن صفوف فصائل أخرى تحظى بقبول دولي ووفق معايير محددة.