إعداد: محمد سليمان 

مقدمة:

تبحث هذه الدراسة في تفاصيل الميليشيات الشيعية العاملة في سوريا ودوافع تدخلها، والسيناريوهات المحتملة لوجودها، بالإضافة للدور الدموي البارز الذي قامت به لدعم نظام الأسد ضد معارضيه منذ انطلاق الثورة السورية وحتى تاريخ اعداد الدراسة ، وذلك بارتكاب كثير من الجرائم بحق الشعب السوري الثائر، تمثلت في جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري لسكان المناطق الثائرة، والتصفية الجسدية لناشطي الثورة ورجالاتها، ضمن إستراتيجية مدروسة للنظام الإيراني للسيطرة على سورية، وقد بدأت تلك الإستراتيجية تظهر بُعيد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، من خلال تبنيها “جمعية المرتضى” التي ترأسها جميل الأسد (شقيق حافظ الأسد) إلا أن الأسد الأب وأد الفكرة في مهدها، لحرصه على أن لا يشاركه أحد في الحكم، وإنْ كان مؤيدًا له وداعمًا لسياساته، ولهذا اكتفى الإيرانيون باستخدام القوة الناعمة للتغلغل في المجتمع السوري لتشويه هويته الوطنية، وعند تسلّم بشار الأسد السلطة بدأت تظهر النشاطات الإيرانية على العلن، نتيجة ضعف شخصية الأسد الابن وعدم سيطرته الكاملة على مفاصل الدولة، وكان ذلك من خلال نشر التشيّع وبناء الحُسينيات والحوزات العلمية، وإقامة مسيرات مراسم العزاء، وافتتاح المدارس والمعاهد الدينية التي تتبنى المذهب الشيعي في مناهجها، ونشر اللغة الفارسية وإرسال البعثات الطلابية إلى إيران، ولعل أخطر ما قامت به إيران شراء كثير من العقارات في وسط دمشق العاصمة، وقد ركّزت على مناطق بعينها (مثل محيط الجامع الأموي والسيدة رقية ومنطقة السيدة زينب) ولم يظهر لإيران أي نشاط عسكري أو أمني في تلك الفترة، إلا على نطاق محدود جدًا، حتى اندلاع الثورة السورية، حيث عمل الإيرانيون بداية على رفد الأسد بمنظومة أمنية، قادها كبار ضباط قوات فرض القانون في إيران، وساعدت الأسد في الصمود أمام الموجة الأولى من الاحتجاجات الشعبية، لكن التطور غير المتوقع لأحداث الثورة السورية، وسيطرة الجيش الحر على كثير من المناطق، والتهديد المباشر لمؤسسات السلطة خاصة في دمشق، دفع إيران إلى التدخل عبر الحرس الثوري، وأدار قائده قاسم سليماني عمليات القوات الإيرانية والميليشيات التابعة له في سورية حتى مقتله أوائل عام 2020، بنار القوات الأميركية قرب مطار بغداد، وخلال هذه الفترة استقدمت إيران، إضافة إلى الحرس الثوري الإيراني كثيرًا من الميليشيات الطائفية التابعة لها في العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وبعض الدول التي تمتلك فيها نفوذًا، ووصل عدد هذه الميليشيات إلى نحو خمسين مجموعة.

دوافع التدخل الإيراني

عاشت إيران عزلة سياسية في المنطقة العربية والمحيط الإقليمي، ولا سيما في حرب الخليج الأولى، وكانت سورية الحليف الوحيد لإيران في العالم العربي، وقد منحت العلاقة المميزة التي بناها حافظ الأسد مع نظام الخميني فرصة لإيران للانتقال شرقاً نحو البحر المتوسط وتوسيع النفوذ في لبنان، المسيطر عليه عسكرياً آنذاك من قبل الأسد، وقد منح هذا الحضورُ السياسي في سورية ولبنان والذي تحوّل إلى حضور اقتصادي وعسكري المشروعَ الإيراني للتوسع، وفتح الطريق بين طهران وبيروت، حيث تُمثل الجغرافيا السورية “حلقة وصل” بين العراق ولبنان في مشروع إيران الاستراتيجي “الهلال الشيعي” الذي يعني النفوذ السياسي والاقتصادي والأمني على أهم المنافذ البحرية والبقع الجغرافية في المنطقة، من أجل حفظ أمنها القومي عبر المناورة في حدود الدول الأخرى، وفي سبيل نقل غازها الطبيعي إلى أوروبا، ويشكل الموقع الجغرافي لسورية ممراً اقتصادياً حيوياً استراتيجياً نحو السوق العالمية.

 كما تشكل الحدود السورية مع إسرائيل ورقة ضغط دولية تمكنها من تحقيق بعض المكاسب، كما تمتلك سورية حدوداً مع لبنان ونفوذاً كبيراً فيه، وتحتضن “حزب الله” الذي يُعدّ يد إيران الضاربة والمتوغلة داخل الدولة اللبنانية “كقوة بالوكالة”…

عملت إيران على تعزيز مشروعها التوسعي (الهلال الشيعي) من خلال أعمال التغيير الديموغرافي والمذهبي، فعمدت إلى تغيير التركيبة السكانية للمدن الرئيسية الواقعة في قلب هذا الهلال، بالقوة عندما أمكنها ذلك، كما في بغداد بعد عام 2003، وبيروت ودمشق الآن، عبر شراء العقارات وبنشاطات نشر التشيع وشراء الولاء، واستثمرت إيران قوة حزب الله العسكرية من جهة، والامتداد الشعبي الذي حققه في المنطقة العربية بعد حرب عام 2006 إلى شكل جديد من السيطرة السياسية، وحتى العسكرية كما حصل في بيروت في عام 2008، وهو ما حوّل لبنان إلى منطقة نفوذ إيراني بالكامل، وأخرجه تدريجياً حتى من سيطرة نظام الأسد.

وبناء على ما سبق، شكّلت الثورة السورية في عام 2011 تهديداً حقيقاً لكسر جزء أساسي من الهلال الذي استغرق بناؤه حوالي 3 عقود من العمل، ومئات الملايين من الدولارات، لكن طهران استطاعت بشكل جزئي بعد تجاوز فترة الصدمة من تحويل التهديد إلى فرصة، ورغم أن نظام الأسد الابن كان قد منح إيران امتيازات كبيرة في التحرك داخل سورية، إلا أنه كان نظاماً أمنياً يُمسك زمام البلاد بقوة وصرامة، وبالتالي فإنّ حرية الحركة بالنسبة للحلفاء تبقى مقيدة بعد كل الامتيازات التي يحصلون عليها، وتبقى للنظام القدرة على الابتزاز وطلب الأثمان مقابل أي توسيع للحضور أو لتمكين الشركاء المحليين في سورية ولبنان، أو لاستخدام الأراضي السورية لصالح أطراف ثالثة، وقد أدّى الانهيار الكبير الذي عاشه نظام الأسد من نهاية عام 2011 إلى منح الإيرانيين فرصة لإعادة تشكيل العلاقة مع النظام، حيث تحوّلت من “علاقة بين أنداد” إلى “علاقة بين تابع ومتبوع”، وأصبح النظام في منزلة حزب الله ومنظمة بدر، بعد أن كان يمثّل دولة مقابل دولة، وانتقلت إلى أشكال أكثر وضوحاً في الحضور والتدخل، بما يعني عوائد أكثر جدوى، واختصاراً لعقود ربما من العمل البطيء المتدرج.

كما سمحت العلاقة الجديدة بين الطرفين بتحول المساهمة الإيرانية في دعم النظام ضد معارضيه إلى مشروع إيراني ذاتي، أمكنَ فيه لطهران أن تُنفق وتعطي بسخاء، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً، دون أن تنتظر من الطرف الآخر مقابلاً، بعد أن تحوّل هو إلى منتظر للدور الذي يُمكن أن يُمنح له، أو المساحة التي يمكنه التحرّك فيها

كما أن احتواء سورية الكثير من الأضرحة المقدسة بالنسبة لإيران شكّل دافعا وانعكاساً جيداً لخدمة مصالحها التأثيرية الناعمة، فمن خلال هذا التحرك نحو سورية، أثبتت أنها الدولة “المخلصة” للأفراد الذين تجمعهم معها روابط دينية، وهذا ما يصب إيجاباً في إثبات مرتكز نظامها المتمدد داخل العالم الإسلامي تحت اسم “ولاية الفقيه”.

لكن هذا الاستثمار الإيراني في المشروع الجديد في سورية، والذي يمكن القول أنه انطلق بشكل واضح في منتصف عام 2012، واجه التحدي الأكبر له عند التدخل الروسي في أواخر عام 2015، فرغم أن التدخل شكّل خطراً حقيقياً على المعارضة وكبّدها الخسائر الأكبر منذ بدء العمل المسلح في نهاية عام 2011، إلا أن الخطر الذي حمله على الحليف الإيراني كان أكبر وأشد خطورة، حيث زعزع أسس المشروع نفسه، فلم تعد إيران هي اللاعب الأوحد في طرف النظام، كما لم يعد النظام ومكوناته المختلفة مضطرة للقبول بإيران كخيار لا بديل عنه، كما لم يعد لإيران وحدها حق تقرير مستقبل النظام أو الحل المقبول أو غير المقبول من طرفه.

وبالتالي تشكّل المعركة في سورية بالنسبة لإيران معركة وجودية، على خلاف المعارك السياسية أو العسكرية الأخرى، كما في البحرين واليمن، حيث كانت سورية أول أرض خارج إيران تُفتح أمام المشروع الإيراني بعد ثورة الخميني في عام 1979، وبالتالي فإنّ المشروع فيها متجذّر وعميق، مقارنة حتى مع المشروع المجاور في العراق، والذي بدأ بعد عام 2003.

كما وامتازت سورية بالنسبة لإيران في كل هذه الفترة بثبات النظام السياسي، وبالتالي فإنّ العلاقة منذ عام 1979 وحتى الآن، وهي كامل عمر المشروع الإيراني، كانت مع نظام واحد، وحتى مع نفس الاشخاص والأجهزة، وهو ما منح سورية ميزة إضافية لا تمتلكها طهران في بقية المناطق التي تتمتّع فيها بنفوذ مماثل أو علاقة مع مجموعات غير مستقرة ومتنازعة، كما في العراق مثلاً، لكن هذه الأهمية الاستثنائية لسورية بالنسبة لإيران لا يمكن أن تكون وحدها سبباً كافياً لتبرير الثمن الذي دفعته إيران حتى الآن، وإن كان سبباً رئيسياً وربما وحيداً في الموقف المباشر الذي تم اتخاذه في عام 2011 للوقوف إلى جانب نظام الأسد.

شكّلت الأزمة السورية حالة من “القمار السياسي” لعدد من الأطراف، بما فيهم الأطراف السورية المعارضة والإيرانيين وغيرهم، حيث شعرت كل الأطراف بإمكانية تحقيق أهدافها بشكل سريع وبأثمان قابلة للتحمّل، وهو ما دفعهم لاتخاذ المواقف التي قاموا باتخاذها في عام 2011، والاستثمار بكل ما يملكون من أجل تحقيق أهدافهم، لكن مرور الوقت، وفشل كل الأطراف في الوصول إلى أهدافها جعل عملية تراجع أي طرف أكثر صعوبة، ودفعت الجميع إلى زيادة استثمارهم في الأزمة رغم ارتفاع التكلفة وضعف الإنجاز، بغية استرجاع مردود الاستثمار السابق، وينطبق هذا المنظور على الإيرانيين أكثر من أي طرف آخر، حيث أدّى الدخول العلني بعد عام 2013، وإحضار الميليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية إلى سورية، إلى إلغاء خيار التراجع أو الانسحاب، والذي أصبح يُعادل هزيمة إيران نفسها وليس هزيمة نظام الأسد، ولم يعد أمام طهران سوى التعامل مع الوقائع السياسية والميدانية، ومحاولة تقليل الخسائر وتعظيم الأرباح قد الامكان.

البدايات والتحشيد:

بدأ حضور الميليشيات الشيعية لدعم النظام في سوريا في عام 2012، بعد نحو عام من بدء الثورة السورية، ويعتقد أن إيران قامت بالدور المحوري في تنظيم استقدام هذه الميليشيات (الشيعية) من كل من العراق، وإيران، ولبنان بالدرجة الأولى، ثمّ اليمن، وأفغانستان، وباكستان، وبعض الدول الآسيوية التي يتواجد فيها الشيعة، تحت شعار ” نصرة المذهب، وحماية المراقد المقدسة، وتحرير القدس، والمقاومة، والممانعة” مقابل مبالغ مالية، فضلا عن محفزات أخرى مثل: منح الجنسية السورية، وكان حزب الله اللبناني من أول الميليشيات التي تدخلت وشاركت في دعم نظام الأسد، بالتنسيق مع إيران، قبل أن يتوالى حضور قوات الحرس الثوري الإيراني، والعشرات من الميليشيات العراقية والأفغانية، والباكستانية، واليمنية التي دربتها إيران. 

اعتمد حشد المقاتلين الشيعة للقتال في سوريا على الحشد الطائفي العقائدي بشكل أساسي، وهو ما قامت به المنابر الإعلامية ومنابر الرأي الداعمة للقتال في سوريا من مساجد، وحسينيات، وفضائيات، ومجلات، وصحف، ورجال دين وصولاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لذا فمعظم وجودهم بدأ في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق؛ لأنّها العماد الأساس للتعبئة والتحشيد الطائفي، ثمّ توسّعت مشاركتهم بعد ذلك إلى بقية المناطق السورية.

عملت إيران على تقديم المعدّات والذخائر التي يحتاجها جيش النظام وميليشياته في المرحلة الأولى، ولاحقاً للميليشيات التي أحضرتها، كما أشرفت على إنشاء ميليشيات الدفاع الوطني وإدارة هذه الميليشيات، ولاحقاً على إدماج هذه الميليشيات في مؤسسة الجيش، ولم تكن طلائع الميليشيات الإيرانية التي دخلت سورية مستحدثة أو مشكّلة على عجل، بل كانت قوات تملك خبرات قتالية تكتيكية كبيرة، من خلال تجاربها في العراق ولبنان وأفغانستان، وبهذا دخلت هذه الميليشيات أرض المعركة فور وصولها، بينما خضع المقاتلون الجُدد لدورات تدريبية داخل سورية، تحت إشراف ضباط الحرس الثوري وضباط من جيش الأسد، وتم الاستفادة من هذه الخبرات لتحقيق إستراتيجية إيران في السيطرة على سورية.

دخلت الميليشيات الإيرانية ساحات القتال على مختلف الجبهات المشتعلة في سورية، تارةً إلى جانب قوات الأسد على الجبهات الشمالية والوسطى والجنوبية والشرقية، وتارة أخرى بشكل مستقل كما في منطقة القصير بالقرب من مدينة حمص أو في ريف دمشق الجنوبي، ابتداءً من منطقة السيدة زينب باتجاه الغرب وصولًا إلى داريا وجنوبًا وصولًا إلى غرب الكسوة، إضافة إلى تمركزها في الطريق الواصل بين دمشق والحدود العراقية شرقًا، مرورًا بمنطقة الضمير ومطار السين ومنطقة السبع بيار، وصولًا إلى معبر البوكمال الحدودي، إضافة إلى تمركز عدد من هذه الميليشيات في كثير من المطارات والقواعد العسكرية المهمة، كمطار الشعيرات ومطار (T4) ومطار دمشق الدولي ومطار السين ومطار حلب والأكاديمية العسكرية بحلب، كما قامت الميليشيات الإيرانية بالسيطرة على المناطق المحيطة في مراكز البحوث العلمية، خاصة في ريف دمشق منطقة جمرايا والصبورة وبرزه البلد، وفي ريف حماة في منطقة مصياف، وقرب مدينة حلب حول مؤسسة معامل الدفاع في السفيرة، وغيرها من المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية، وإضافة إلى هذا كله كان القادة والضباط الإيرانيون حاضرين في غرف العمليات التابعة لجيش الأسد، في المقر المركزي في قلب دمشق، والمقر الموحد الجنوبي قرب الضمير، والمقرّ الموحد الشمالي بالقرب من مدينة حمص، وغرفة عمليات الساحل بالقرب من مدينة بانياس، وكذلك كان هناك وجود للمستشارين العسكريين الإيرانيين، في أغلب القطعات والتشكيلات العسكرية في قوات الأسد.

كانت أولى الميليشيات العسكرية الطائفية التي وطئت الأرض السورية ودخلت على خط قمع ثورة الشعب السوري في بداية 2012 هي كتيبة القناصة العائدة لميليشيا “عصائب أهل الحق” العراقية، التي يقودها أحد أذرع إيران في العراق قيس الخزعلي، ويديرها حكّام إيران، وتُقدر أعدادها بـ 800  قناص من المُدرَبين وأصحاب الخبرة، وهم الذين انتشروا على أسطح مباني الدوائر الحكومية والمقار الحزبية للسلطة، ليتولوا مهام قنص المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي وقتلهم، وتركز ذلك بوضوح في الغوطة الشرقية مدينة دوما، ثم انتشرت هذه الميليشيا في العديد من المناطق الثائرة، وامتد انتشارها إلى الجنوب السوري في دمشق ومحيطها وريف حلب الجنوبي وريف حماة الشرقي وشماله وجنوب إدلب وحمص وريفها ودرعا ودير الزور و البوكمال والميادين، وتُدار هذه الميليشيات جميعها من قبل غرفة عمليات مركزية واحدة مكونة من ضباط إيرانيين وضباط منتدبين من هيئة الأركان السورية وأجهزة الأمن السورية.

تمت عملية دخول عناصر هذه الميليشيات بإشراف مباشر من قِبل الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الأسد عبر المطارات والمنافذ الحدودية البرية مع لبنان والعراق والأردن، وعلى شكل أفراد أو مجموعات، وأحيانًا تحت غطاء حُجاج أو زوار للمزارات والمقامات الشيعية، أو عقود عمل مزيفة تسهل خروجهم من البلدان التي قدموا منها، كما تم إدخال قسم منهم بجوازات سفر سورية صادرة عن إدارة الهجرة والجوازات في دمشق، وما زالت إيران تقيم جسرًا جويًا لنقل هؤلاء المرتزقة إلى سورية، بالرغم من الانحسار الكبير للعمليات العسكرية في سورية، واستعادة الأسد سيطرته على كثير من مناطق البلاد.

النشاط العسكري الإيراني في سوريا:

بلغ عدد الميليشيات الشيعية الإيرانية والمدعومة من إيران في سوريا نحو 50 تشكيلاً، وتقدّر أعدادهم اليوم بأكثر من 100 ألف عنصر، باعتراف قائد الحرس الثوري الإيراني “محمد علي جعفري”،  ورغم ذلك تبقى أعداد عناصر الميليشيات غير دقيقة بسبب التعتيم المتعمّد من قبل الإيرانيين ونظام الأسد، وهم في ازدياد ملحوظ، ويقوم الحرس الثوري الإيراني “فيلق القدس” بمهام تمويل وتسليح وتوجيه هذه الميليشيات، حيث يمنح كل عنصر في لواء “فاطميون” الأفغاني راتبًا شهريًا يتراوح ما بين 500 إلى 1500 دولار أميركي، وهو الأجر الأعلى بين الميليشيات الأخرى التي يبلغ رواتب عناصرها ما بين 300 إلى700 دولار أميركي، في حين تتلقى الميليشيات السورية المحلية أقل الأجور، ولا يتجاوز راتب العنصر 100 دولار أميركي.

واستنادا لذلك تقسم الميليشيات الشيعية في سوريا، بحسب منشأ عناصرها، إلى أربعة فرق هي: العراقية واللبنانية والميليشيات الأجنبية (الإيرانية والأفغانية وغيرهما) ورابعاً الميليشيات المحلية (السورية)، ومن أهم الألوية الخاصة بالميليشيات الشيعية في سوريا:

  • لواء زينبيون: ويتألف من الشيعة الباكستانيين.
  • لواء حيدريون: ويتألف من الشيعة العراقيين.
  • لواء فاطميون: ويتألف من الشيعة الأفغان اللاجئين في إيران، ويتكون هذا اللواء من عدة فرق.
  • لواء حزب الله: ويتألف من شيعة لبنانيين جلبهم الحرس الثوري للقتال في سوريا أو من شيعة سوريين، وهذا اللواء ينقسم إلى قسمين:
  • حزب الله لبنان.
  • حزب الله سوريا: ويتألف من أهالي دمشق ونُبُّل والزهراء.

أولاً: الميليشيات الشيعية الإيرانية:

  • الحرس الثوري الإيراني: وهو تشكيل عسكري إيراني نشأ بأمر من الخميني في إيران عام 1980 قوامه مليونا متطوع في السلم، ويصل إلى ثلاثة ملايين متطوع في الحرب، ومهامه حماية الثورة في إيران.
    • فيلق القدس: يتبع للحرس الثوري كان تحت قيادة قاسم سليماني، وهو الآن تحت قيادة إسماعيل قاآني، مهمته الأساسية تنفيذ سياسة إيران خارج الحدود، ويقدر عدد عناصر الحرس الثوري وفيلق القدس في سوريا بـــ 8000 مقاتل وخبير ينتشرون في ريف دمشق وطرطوس واللاذقية، بداية أعمالهم في سوريا من خلال قمع المحتجين ضد النظام السوري، وتقديم تدريبات لعناصر النظام لتعليمهم كيفية قمع هذه الاحتجاجات، ثم تطورت أعمالهم إلى المشاركة مع قوات النظام في معاركه ضد فصائل المعارضة المسلحة، وهو القوة الرئيسية للحرس الثوري الإيراني في سورية، وهو مسؤول عن قيادة وتأمين الأعمال القتالية لكل الميليشيات الإيرانية في سورية، ومقر قيادته الرئيس في مطار دمشق الدولي.
    • لواء فاطميون: وهو لواء عسكري مكون من الأفغان الفارين إلى إيران من الهزارة (وهم مجموعة من الأقلية العرقية الأفغانية)، شارك في القتال في سوريا واقتصرت مهمته في حماية المقدسات والمزارات الشيعية المنتشرة في البلاد، وتأسس اللواء عام 2014 تحت قيادة اللواء “علي رضا توسلي” الذي قُتل في درعا بالمعارك الدائرة ضد فصائل المعارضة في 2015، وقد شاركت هذه الميليشيا في معارك دير الزور و البوكمال ضد تنظيم (داعش)، ووصل عدد مقاتلي اللواء إلى 4000 مقاتل، بحسب ادعاء سيد حسن حسيني الملقب بسيد حكيم، وهو نائب قائد لواء فاطميون، ومقر هذه الميليشيا الرئيسي في إيران مدينة مشهد، ومقرها في سورية منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، ويتم تمويلها وتدريبها من الحرس الثوري الإيراني في معسكرات تدريب داخل إيران.
    • لواء زينبيون: أسس اللواء في عام 2015 ، يتألف من الشيعية الباكستان وأغلبهم من البشتون و الباراتشينار(وهم مجموعة عرقية موجودة في باكستان وأفغانستان) ومؤسسه محمد جنتي الملقب الحاج حيدر وهو باكستاني الأصل قُتل في حماة أثناء قتاله ضد فصائل المعارضة، ويتركز انتشار زينبيون في دمشق والضواحي القريبة منها، وذلك لحماية مقام السيدة زينب، وشاركوا في المعارك مع قوات النظام السوري ضد فصائل المعارضة في حلب ودرعا وحماة ويبلغ عددهم قرابة 1000 مقاتل، وكان اللواء قد انشق عن لواء فاطميون بعد كثرة أعدادهم، يتلقون تدريبات عسكرية في إيران على يد قادة من الحرس الثوري الإيراني في تسعة معسكرات تدريب داخل إيران، ومن بعد إنهاء التدريب يحصلون على إقامة دائمة في إيران، إضافة إلى التكفل بتعليم أبنائهم في حال مقتلهم، وإلى راتب يصل حتى 1200 دولار أميركي، وقد مُنح بعضهم الجنسية السورية ثم يرسلون بعدها إلى سوريا.

أبرز أماكن انتشار القوات الإيرانية:

  • مطار دمشق الدولي: أنشأت إيران قاعدة عسكرية في حرم مطار دمشق الدولي، وتعتبر أهم مقرات إيران في سوريا، ويتركز عناصر وقيادات الحرس الثوري فيها إضافة إلى تخزين أهم الآليات والأسلحة العسكرية.
  • قاعدة الإمام علي: جهزت إيران عدة قواعد عسكرية في سوريا أكبرها قاعدة الإمام علي جنوبي مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي بالقرب من الحدود السورية العراقية، وتمتد القاعدة على مساحة كبيرة تصل إلى 20 كم مربع، وهي عبارة عن مستودعات تحت الأرض تكاد لا تكون ظاهرة تتخفى بالطبيعة الصحراوية، إضافة لطرق ترابية تصل بين المستودعات وغرف خصصت لإقامة المقاتلين، ويسيطر عليها حزب الله العراقي.
  • قاعدة اللجاة: منذ عام 2018 بدأ حزب الله السوري (الذي يقوم بتجنيد عناصر من بدو اللجاة أي أبناء المنطقة، وأغلبهم من مقاتلي المعارضة سابقاً من ألوية العمري وجيش العشائر سابقاً) بتجهيز قاعدة عسكرية في بلدة المسيكة في منطقة اللجاة الوعرة  في ريف درعا الشمالي بعد سيطرة قوات النظام السوري على الجنوب السوري، وتسيطر ايران عبر ميليشياتها على عدة تلال مهمة في الجنوب السوري كـ تل مرعي، وتلول فاطمة، وتل أيوب، وتل قرين، وتل الحارة، وتل الجابية، وتل جموع، والتلول الحمر، وتل الزعتر، حيث تتخذها مراكز رصد متقدم تحت غطاء قوات النظام السوري، ويتم التنقل بآليات عسكرية ولباس عسكري لقوات النظام السوري، كما وتستخدم قوات الفرقة الرابعة وغيرها من القوات المدعومة إيرانياً مقرات الجيش السوري كمراكز عمليات مؤقتة، يتم تغييرها بين الحين والأخر، خشية استهدافها من طيران التحالف الدولي أو الطيران الإسرائيلي.

شركات أمنية سورية خاصة تابعة لإيران

في عام 2013، نشأت الشركات الإيرانية الأمنية من الحاجة إلى قوات مسلحة قانونية غير ملزمة بالأنظمة الحكومية، فصدر المرسوم التشريعي رقم 55، وهو عقد قانوني يسمح للميليشيات بالعمل في سوريا واستخدام القوة العسكرية، وفقًا لعقدها، ما يسمح لهذه الكيانات بالعمل بحرية دون الحاجة إلى إبلاغ جيش النظام أو الفروع الأمنية، واستخدمتها إيران لإدخال النفوذ الإيراني في مناطق سورية حساسة، مثل دمشق، وتعمل تحت ستار شركة سورية مسجلة، وأصبحت وسيلة مثالية للحفاظ على وجودها في المواقع الاستراتيجية، مثل الطريق السريع بين بغداد ودمشق في الصحراء الشرقية لسوريا، وبحسب التقرير فإن خطة إيران كانت أن تنتشر في جميع أنحاء سوريا تقريبًا، باستخدام الميليشيات المحلية والأجنبية، ويوضح الجدول التالي القوة العسكرية الفعلية ومشاركة إيران وحلفائها في سوريا عام 2020:

التحكم بنقاط التهريب الوصول الى الطرق السريعة الوصول للمعابر الوصول الى المطارات الوجود العسكري  
لا مقبول نعم نعم كبير خبراء الحرس الثوري الايراني
نعم مقبول نعم نعم كبير ميليشيات أجنبية
نعم عالي نعم نعم كبير ميليشيات محلية

ثانياً: الميليشيات العراقية:

انخرط الآلاف من الشباب العراقي العاطل عن العمل في هذه الميليشيات، بعد أن جرى تغريرهم بالمال والعاطفة الدينية، وحسب الخبير بشؤون الحوزة الدينية “حسين الكاظمي” هو عدم وجود مكاتب للتطوع في إيران في حين فُتحت في بغداد ومدن الجنوب (ذات الغالبية الشيعية) العشرات من مكاتب التطوع التابعة لميليشيات الحشد الشعبي بمختلف أشكالها، وتُعرف باسم مكاتب الجهاد والدفاع أو (جهاد الدفع)، ويدير رجال دين شيعة بينهم إيرانيون هذه المكاتب، وهم من يتولى عمليات التجنيد والانتقال إلى سوريا مقابل مرتبات شهرية تتراوح بين (300- 1500) دولار، وحسب مصدر حكومي عراقي فإنّه يتم تجنيد ما بين (300 إلى 400) مقاتل شهريا منحدرين على الأغلب من أسر فقيرة، وقال الشيخ حسيب الدجيلي إنّ المتطوعين يتسلمون راتبًا شهريًا، وهناك مكافآت مقطوعة من إيران تُصرف بين مدة وأخرى، على أن تقوم الحكومة السورية بتوفير الطعام والمنام وكافة احتياجاتهم، وتتولى وزارة النقل والمواصلات العراقية عمليات نقل المتطوعين إلى سوريا عبر مطاري بغداد والنجف برحلات مجانية، تحت عنوان (زيارة العتبات المقدسة في دمشق)، ويجري تدريب هذه الميليشيات في معسكرات في كل من العراق وإيران ولبنان، غير أنّها تخضع أيضا للتدريب في معسكرات داخل سوريا هي:

  • معسكر يعفور بريف دمشق، المقام في موقع عسكري تابع للفرقة الرابعة.
  • معسكر السيدة زينب بدمشق.
  • معسكر مدرسة ميسلون التابع للمخابرات العسكرية.
  • معسكر نجها لأمن الدولة، من أهمها.
  • معسكر شهيد المحراب في مدينة حلب.
  • معسكر الزهراء في مدينة حلب. 

ويبلغ عدد الميليشيات الشيعية العراقية المتواجدة في سوريا أكثر من (20) ميليشيا مسلحة، وتُعتبر كل من ميليشيا (أبو الفضل العباس) و (النجباء) من أهم وأكبر الميليشيات العراقية المشاركة في الحرب السورية منذ بدايتها تقريبا، وفيما يلي استعراض لأهم الميليشيات الشيعية في سوريا:

1- ميليشيا لواء أبو الفضل العباس

وهي من أول وأكبر الميليشيات العراقية التي قاتلت في سوريا، تشكلت نواة اللواء من مقاتلين تابعين لميليشيات متعددة منها، (عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، وكتائب حزب الله العراق، وجيش المهدي، وبعض الشيعة السوريين)، وبعض المتطوعين من اليمن ودول شرق آسيا، وكان أول ظهور للميليشيا في منطقة السيدة زينب بدمشق منتصف عام 2012، بدعوى حماية مرقد السيدة زينب عليها السلام، وهو يتمتع بتجهيز عالٍ من السلاح والآليات وغيرها، ويتبع بشكل مباشر قيادة الحرس الثوري الإيراني. تحظى هذه الميليشيا باهتمام المرجعية في إيران، ويستمر بقاؤه في سوريا إلى يومنا هذا، ولكن بعد سقوط مدينة الموصل عام 2014، تم سحب بعض مقاتليه من سوريا بسبب النقص العددي والحاجة الكبيرة للخبرات التي اكتسبها مقاتلوه، وقام حزب الله اللبناني باستلام نقاطه في حلب، وتتراوح أعداد مقاتلي الميليشيا ما بين (4500 إلى 5000) مقاتل، ويتكون من عدة كتائب تم تسميتها بأسماء بعض الأئمة الاثني عشر، ومن أهم قيادات ميليشيا أبو الفضل العباس: 

  • أوس الخفاجي: وهو المؤسس الرئيس لهذه الميليشيا في العراق وسوريا، وعمل الخفاجي كمساعد لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في جيش المهدي الذي كان تابعًا للتيار قبل حلّه، وقد انفصل عن الصدر عام 2006، اعتقل الخفاجي في شباط 2019 من قبل الحشد الشعبي الذي أسهم في تأسيسه، بتهمة فتح مقر وهمي.
  • القيادي أحمد حسن كيارة: كان من أول القيادات التي قادت ميليشيا أبو الفضل العباس في معارك السيدة زينب، وقد قُتل فيما بعد في منطقة ريف دمشق.
  • القيادي علي حسن عجيب جظة الملقب أبو عجيب السوري: واستلم القيادة بعد مقتل كيارة وهو من بلدة نبل بريف حلب الشمالي، وبسبب حدوث بعض المشاكل بين العراقيين والسوريين، انقسمت قيادة اللواء فأصبح السوريون تحت قيادته.
  • القيادي هيثم الدرّاجي: وهو من القيادات العراقية، ومقرب من رجل الدين الشيعي بشير النجفي، تولى قيادة المتطوعين العراقيين في الميليشيا. 

تنتشر ميليشيا أبو الفضل العباس في المناطق السورية التالية:

  • منطقة السيدة زينب: وهي المقر الرئيسي للميليشيا.
  • مدينة حلب: لهم نقاط مرابطة في أغلب مناطقها.
  • مدينة نبل والزهراء في ريف حلب: لهم فيها تواجد خاص بسبب أهميتها، وكون سكانها من الشيعة.

شاركت هذه الميليشيا في أغلب المعارك بجانب القوات السورية ومنها: معارك طريق المطار، معارك القلمون، معارك جنوب دمشق، معركة استعادة بلدة الحجيرة جنوب دمشق، معركة المليحة التي استمرت (135) يوماً، معارك حي جوبر، معارك حصار الغوطة ومجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام في آب عام 2013، معارك ريف حماة الشمالي، معارك مدينة حلب في آب 2013، ويتفرع عن أبو الفضل العباس كلّ من “لواء ذو الفقار” بقيادة حيدر الجبوري ولقبه “أبو شهد”، ويعد هذا اللواء الأكثر نشاطاً، حيث قاتل في غوطة دمشق الشرقية، ومحيط السيدة زينب، والقلمون، وإدلب، وحلب، وريف حلب الجنوبي، ونبل والزهراء، وهو مرتكب مجزرة النبك. وكتيبة “قمر بني هاشم” عدد مسلحيها نحو 200، و”لواء اللطف” الذي لا يتجاوز عدد مسلحيه 150 شخصاً، وأيضاً “لواء المعصوم”.

2- ميليشيا حركة النجباء (المقاومة الإسلامية حركة حزب الله النجباء):

وهي ميليشيا شيعية عراقية تفرعت عن ميليشيا (عصائب أهل الحق)، التي انشقت بدورها عن ميليشيا جيش المهدي عام 2006، وتعتبر (النجباء) ثاني أقوى ميليشيا عراقية موجودة في سوريا، وتحظى باهتمام ورعاية ودعم الحرس الثوري الإيراني، ويشكل العراقيون أغلب عناصرها، ويوجد معهم عناصر من السعودية والبحرين والكويت، تقاتل في “أي مكان يأمر به المرشد الأعلى”، حسب تصريح قائدها أكرم الكعبي، وقد أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة النجباء العراقية وقائدها أكرم عباس الكعبي، على لائحة المنظمات الإرهابية العالمية، حيث يمتاز الكعبي بالمزج بين الشخصية الدينية والعسكرية، وقد ذهب إلى قم لأخذ بعض الدورات الدينية، وكان يحظى باهتمام الإيرانيين بشكل كبير، وكانت أول ميليشيا يؤسسها في سوريا عام 2013، تحت مُسمّى لواء عمار بن ياسر، ثمّ أصبح تحت مسمى حركة النجباء، وكانت الجماعة من بين أولى الميليشيات الشيعية التي ترسل مقاتلين إلى سوريا، وقامت بذلك منذ تشكيلها في عام 2013، وقد كان لديها دوراً متزايداً في البلاد بعد حصولها على دفعة قوية في جهود التجنيد التي جرت في عام 2015. تسيطر ميليشيا (النجباء) على مناطق واسعة في ريف حلب الجنوبي، ومقرها الرئيسي في مدرسة رسم بكور خلف جبل عزان، وتنتشر على جبهة تمتد من مطار حلب الدولي إلى بلدة الحاضر وبحضور بارز في مطار النيرب، ولها أيضا وجود على تخوم العاصمة دمشق في مناطق حي جوبر، والنشابية، وعلى طريق حرستا، ويبلغ تعداد ميليشيا (النجباء) -حسب تقرير موقع “إيران واير”-موزعين على ثلاثة ألوية عسكرية تنتشر في كل من حلب ودمشق، وهي:

  • (لواء عمار بن ياسر)، وساحة عمله في حلب، التي انتقل إليها من ريف دمشق في 2013.
  • (لواء الإمام الحسن المجتبى) ومقره في دمشق، ويعمل على تأمين طريق مطار دمشق الدولي.
  • (لواء الحمد)، ومقره في ريف دمشق، وهو متخصص استعمال المدفعية والصواريخ.

ويخضع عناصر هذه الميليشيا قبل إرسالهم إلى سوريا، لدورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر في جنوب العراق، تتركز على استخدام الرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية وبنادق القناصة، كما يتلقى البعض منهم تدريبه في لبنان ثمّ يعبر براً إلى سوريا، أمّا في إيران فيتلقى عناصر الميليشيا تدريبًا متخصصًا في نزع الألغام، والاتصالات، وتشغيل الطائرات بدون طيار، وقال زعيم الميليشيا إنّ جماعته تستخدم الطائرات بدون طيار من نوع (ياسر) وهي النسخة الإيرانية من الطائرة (سكان ايجل) الخاصة بالاستطلاع والتي تنتجها شركة بوينغ، وكشف تقرير لوكالة أنباء تقريب الإيرانية في كانون الثاني 2019، عن إنشاء أكاديمية خاصة لتدريب عناصر الميليشيات العراقية، انخرط بها مقاتلون من (النجباء)، ويخضع المتدربون فيها إلى دروس في العقيدة الشيعية الى جانب تدريبات عسكرية متطورة مكثفة، كما أقيمت دورات (دراسات عسكرية عليا) في مدينة سامراء شمال بغداد، مشدّدة على أنّ الخريجين منهم ينخرطون في دورات تمهيدية للدراسات العليا، ومن أهم قيادات هذه الميليشيا كل من:

  • أكرم الكعبي، وهو قائد الميليشيا ومؤسسها، كان من ضمن عناصر جيش المهدي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتولى إدارة العمل الثقافي في النجف، ثمّ تمّ اختياره قائدا للمجاميع الخاصة التابعة لجيش المهدي ثم لعصائب أهل الحق المنشقة عنها.
  • هشام الموسوي (أبو وراث) وهو المتحدث الرسمي باسم ميليشيا النجباء.
  • حيدر جاسم الدنيناوي وكان المسؤول عن تجنيد المقاتلين في العراق، وقد تمكنت المعارضة السورية من قتله بريف حلب في حي الراشدين أثناء جولة استطلاعية.

ومن أهم المعارك التي شاركت فيها ميليشيا (النجباء) في سوريا: معارك القصير إلى جانب حزب الله اللبناني، معارك طريق المطار، معارك العبادية، معارك السيدة زينب، معارك مخيم اليرموك، معارك الشيخ نجار في حلب، فك الحصار عن نبل والزهراء، معارك العيس وخان طومان، معارك الغوطة الشرقية، معارك سهل الغاب، معارك سلمى، هجوم الكليات في حلب، معارك جبين وخناصر، ويتراوح عدد عناصرها ما بين 8-10 آلاف عنصرا، ولها قناة تلفزيونية تحمل اسمها (قناة النجباء)، وموقع إخباري.

 3- قوات الشهيد محمد باقر الصدر (منظمة بدر الجناح العسكري):

ميليشيا عراقية شيعية، أنشئت عام 1982 بإرادة إيرانية في عهد الخميني واعتبرت جناحا عسكريا “للمجلس الأعلى الإسلامي” بزعامة رجل الدين الشيعي محمد باقر الحكيم، شاركت إلى جانب إيران في حربها ضد العراق، وساهمت بإسقاط نظام صدام حسين، واتهمت بتصفية كوادر عراقية وارتكاب خروقات حقوقية، وحاربت إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا.

بدأت مشاركة ميليشيا (منظمة بدر) في سوريا بشكل سري من خلال وضع عناصرها تحت قيادة ميليشيات أخرى، مثل: ميليشيا أبو الفضل العباس أو ميليشيا سيد الشهداء وميليشيا ذو الفقار، وذلك قبل أن تعلن (بدر) في حزيران 2013 عن أنّها منخرطة فعليًا بالقتال في سوريا، من خلال الكشف عن مقتل أحد عناصرها في منطقة السيدة زينب، وبعد أيام أعلن زعيم المنظمة “هادي العامري” أنّ قواته تقاتل في سوريا، وفي 21 يوليو/تموز عام 2013، أعلنت منظمة بدر بشكل رسمي مقتل القيادي في المنظمة أبو ذر المسعودي، وبعد مقتله أعلن عن تشكيل ميليشيا (قوات الشهيد محمد باقر الصدر)، وأعلنت منظمة بدر عام 2015 عن فتح باب التجنيد أمام المدنيين الشيعة للانتساب إلى صفوفها، بغية ترحيلهم إلى سوريا لمواجهة معارضي نظام الأسد بحجة التصدي لتمدد تنظيم الدولة، والدفاع عن المقدسات الشيعية هناك،  ويبلغ عدد مقاتليها في سوريا بحدود (1500 إلى 2000) مقاتل، وشاركت المنظمة في الكثير من المعارك في كل من: منطقة السيدة زينب، مناطق جنوب دمشق، ومناطق الغوطة الشرقية، وتنشط تلك المنظمة في سوريا تحت إمرة وقيادة مباشرة من ميليشيا حزب الله اللبناني التي تتخذ من بلدة السيدة زينب بريف دمشق مقراً لها.

4- ميليشيا كتائب سيد الشهداء:

تشكلت ميليشيا (كتائب سيد الشهداء) في نيسان عام 2013 على إثر خلافات بين قيادات (حزب الله العراق)، انتهت بانشقاق حميد الشيباني الملقب بـ (أبو مصطفى الشيباني) الذي يحمل الجنسية العراقية والإيرانية، وتشكيله لهذه الميليشيا وانتقلت ميليشيا (كتائب سيد الشهداء) للقتال في سوريا في آب 2013 بتوجيه إيراني، لوقف الاحتكاك بين الطرفين المنقسمين، ولحماية الأضرحة الشيعية، وتضع نصب عينيها حماية ضريح السيدة زينب الذي يقع في ضاحية دمشق الجنوبية، كما تم تكليف الميليشيا بمنع قوات المعارضة من التسلل عبر الخط الفاصل مع قوات النظام في الغوطة الشرقية بريف دمشق، كما تحتفظ بعلاقات وثيقة مع منظمة بدر، و قُدر عدد عناصر ميليشيا (كتائب سيد الشهداء) في سوريا بنحو 700 مقاتل، وقد سقط عدد كبير منهم قتلى منذ بدء مشاركتهم في المعارك هناك، وكانت أبرز مشاركاتهم في معارك منطقة السيدة زينب، ومعارك الغوطة الشرقية.

 5- فيلق الوعد الصادق:

انشقت هذه الميليشيا عن جيش المهدي في العام 2006، بعد أن أعلن قائدها محمد حمزة التميمي (أبو علي النجفي) موالاته لإيران ولولاية الفقيه، وبدأ برفع شعار (المقاومة الإسلامية في العراق) أسوة بالفصائل الشيعية المتحالفة مع النظام الإيراني، ولهذه الميليشيا وجود عسكري في العراق ولها قسم إعلامي وثقافي إضافة إلى نشاطها العسكري، وقد ظهرت لأول مرة في سوريا في أيلول عام 2013، ويبلغ عدد مقاتليها نحو (2000) شخص، وقد خاضت معارك ريف دمشق، ومعارك القلمون، ومعارك حلب وريف حلب، وتتركز مهامه القتالية إلى جانب قوات النظام في دمشق وحلب، وضم التشكيل مؤخراً عناصر من كفريا والفوعة ومعرة معصرين.

6- ميليشيا لواء أسد الله الغالب:

أعلن عن تشكيل هذه الميليشيا أمام مطار دمشق الدولي في كانون الأول عام 2013 لشخص يرتدي شعار قوات التدخل السريع العراقية ويدعى (أبو فاطمة الموسوي)، أمّا القائد الميداني العام للميليشيا فهو عبد الله الشباني، وصرح الشباني «سنقوم بمساندة الجيش العربي السوري لتحرير الغوطة الشرقية وكل نقطة في سوريا»، وأكّد بأنّه سيقود معارك المقاتلين الشيعة في ريف دمشق لطرد أهالي الغوطة الشرقية، وتضم ميليشيا (لواء أسد الله الغالب) عدداً من التشكيلات الصغيرة مثل كتيبة (علي الأكبر) وهي أصغر من الميليشيات الأخرى، ويُقدر عدد المقاتلين فيها بين (300- 500) شخص، وقد اشتركت هذه الميليشيا بمعارك منطقة السبينة في ريف دمشق، ومعارك منطقة السيدة زينب ومعارك الغوطة الشرقية.

7- ميليشيا لواء ذو الفقار:

تشكل لواء ذو الفقار في 5 حزيران 2013، يوم انتصار حزب الله على الثوار في معركة القصير، وهو تشكيل عسكري انشق عن (لواء أبو الفضل العباس)، تتكون معظمها من مقاتلين عراقيين من (عصائب أهل الحق) و(منظمة بدر)، وتعمل هذه الميليشيا تحت قيادة فاضل صبحي الملقب بـ (أبو هاجر)، ومسؤوله الحالي أبو شهد الجبوري، والقائد العسكري أبو مهدي الكناني، ومعاونه علي البياتي، ويبلغ عدد مقاتليها (1000) مقاتل، شاركت بمعارك رئيسة منها: معارك منطقة السيدة زينب، ومعارك طريق المطار، ومعارك منطقة عدرا، كما شارك في اجتياح مدينة النبك.

8- لواء كفيل زينب- عصائب أهل الحق:

بدأت ميليشيا “عصائب أهل الحق” نشاطها في سوريا عبر تشكيل “لواء كفيل زينب” داخل سوريا في شهر تموز 2013، بذريعة حماية العتبات المقدسة، وشارك اللواء على مدار سنوات طويلة في معارك كثيرة وقع معظمها في محيط العاصمة السورية، مثل معارك السيدة زينب ومعارك الغوطة الشرقية ومعارك القلمون، قبل أن تضطره التطورات الميدانية إلى توسيع نشاطه خارج إطاره الجغرافي منتقلاً للمشاركة في معارك حلب عام 2016 التي حظيت في حينه باهتمام خاص من قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، وعلى الرغم من أن “عصائب أهل الحق” اضطرت إلى سحب مقاتليها من سوريا عام 2014 لمواجهة صعود تنظيم “داعش” في العراق، إلا أن نشاطها سرعان ما عاد ليرسم منحى تصاعدياً منذ منتصف عام 2015، وصولاً إلى مشاركتها عام 2017 في معارك تحرير المنطقة الشرقية في سوريا من تنظيم “داعش”، بعد ذلك استقرت العصائب في ثلاث مناطق رئيسية في سوريا، هي:

  • المنطقة الأولى: منطقة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق، حيث الميليشيا موجودة في ثلاث قواعد خاصة بها، كما تملك ما يقارب 300 عنصر يتولون إلى جانب ميليشيات “الإمام علي” مسؤولية “حماية مرقد السيدة زينب”، ويتولى قيادتهم المدعو الحاج خفاج التيسيري، وهو مواطن عراقي ذاع صيته بسبب كثرة عمليات التسلل التي نفذها داخل مناطق سيطرة المعارضة السورية في منطقة القنيطرة.
  • المنطقة الثانية: في دير علي على طريق الكسوة، حيث ينتشر الفوج 47 ومن ضمنه قوة كاملة مشكلة من عناصر “حزب الله” اللبناني و”عصائب أهل الحق”.
  • المنطقة الثالثة: هي منطقة البوكمال الحدودية بين سوريا والعراق، وتفيد المعلومات المتوافرة بوجود مقر للعصائب داخل مدينة البوكمال يستخدم للتجنيد وإعادة توطين وإرسال عناصر عسكرية وأسلحة وذخائر عبر الحدود العراقية السورية، كما تتمركز العصائب أيضاً في قاعدة الطفوف في قرية الهري على الخط الحدودي الفاصل بين سوريا والعراق، وهي قاعدة ذات أهمية استراتيجية للميليشيات الإيرانية، نظراً الى دورها في تسهيل العبور بين سوريا والعراق، ولكونها توفر تدريبات عسكرية متطورة لأعضاء الميليشيات الجدد الذين أكملوا تدريبهم الأولي في استخدام الأسلحة الخفيفة وتحسين مهاراتهم في استخدام الأسلحة الثقيلة.

 وتعتبر “عصائب أهل الحق” من أشد الميليشيات العراقية تبعية وولاءً للحرس الثوري الإيراني، ومن مهامها اغتيال علماء وزعماء لـ”أهل السنة” في العراق وسوريا، تتلقى تمويلاً رئيسياً من إيران ومن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي ومن عمليات الخطف وتقاضي فدية مالية .

9- فوج التدخل السريع:

تعتبر أعداد عناصر ميليشيا (فوج التدخل السريع) قليلة بالنسبة للميليشيات الأخرى، لاسيما ميليشيات النجباء والعصائب وفيلق بدر، أغلب عناصر هذه الميليشيا ينتمون إلى قوات التدخل السريع (سوات) التابعة للجيش العراقي، ويتولى قيادتها أحمد الحجي الساعدي، وهو مقرب من مقتدى الصدر، ومن أحمد حسن كيارة أحد قيادات ميليشيا أبو الفضل العباس، وشاركت هذه الميليشيا في معارك منطقة السيدة زينب، ومعارك طريق المطار، ومعارك ريف دمشق.

10- سرايا طلائع الخرساني:

وهي تشكيل عراقي تأسس عام 1984 يترأسه الأمين العام علي الياسري، وتعتبر الجناح العسكري لحزب الطليعة الإسلامي، ويبلغ عدد مقاتليها قرابة 5000 مقاتل ما بين العراق وسوريا، ومن أهم مهامها حماية مطار دمشق الدولي، إضافة لحماية المقدسات الشيعية، تتلقى دعما مالياً وعسكرياً من إيران، ومركزها الرئيسي في النجف ولها مكاتب فرعية في واسط وكربلاء والبصرة بالعراق وريف دمشق وريف حلب نبل والزهراء في سوريا.

11-حزب الله العراقي:

تشكيل عراقي أرسل بعض مقاتليه (7 آلاف مقاتل) إلى سوريا عام 2013 لحماية المقدسات الدينية هناك بقيادة هاشم الحمداني (أبو آلاء)، وشارك في المعارك إلى جانب قوات النظام السوري ضد فصائل المعارضة، يتلقى الدعم المالي واللوجستي من إيران، ويوجد تعاون مع حزب الله السوري في العمليات العسكرية في سورية، إضافة لتلقيه تدريبات عسكرية في لبنان.

ثالثاً: الميليشيات الشيعية العربية:

حزب الله اللبناني:

وهو حزب عسكري وسياسي لبناني الهوية إيراني المرجعية، مؤلف من عناصر لبنانيين يترأسه الأمين العام حسن نصر الله، يتلقى تمويلاً وتدريباً من إيران بذريعة قتال إسرائيل، وقد شارك إلى جانب النظام السوري في قمع الاحتجاجات من جهة، وقتال فصائل المعارضة من جهة أخرى، ما يقوم به الحزب خلال السنوات الأخيرة هو تجنيد عناصر جدد من اللبنانيين، وإرسالهم للقتال في سوريا مقابل مبالغ مالية.

توجد مكاتب التجنيد الخاص به في كلٍ من حارة حريك جنوبي بيروت، وفي بعلبك والنبطية، أما في سوريا فلا يتخذ الحزب مواقع ثابتة وله 117 موقع موزعة على كافة الأراضي السورية دون استثناء، ويستخدم عادة القطع العسكرية الخاصة بجيش النظام السوري لتنفيذ مخططاته وممارسة نشاطاته، يستخدم الحزب منازل مدنية في منطقة السيدة زينب جنوبي دمشق كمقارٍّ مؤقتة تُغيّر بين الحين والآخر، كما يتنقّل عناصره في محيط مقام السيدة رقية في دمشق القديمة، وخاصة منطقة حي الشاغور، ذات الأغلبية الشيعية الدمشقية، إضافة لوجوده في القصير التي سيطر عليها وهجر أهلها ضمن معارك ضد فصائل المعارضة، والتي أعلن منها انخراطه بشكل صريح في قمع الثورة السورية ووقوفه بجانب نظام الأسد ويتمتع الحزب بنفوذٍ وسيطرةٍ على أغلب التشكيلات الشيعية، ويأتي بالمرتبة الثانية بعد الحرس الثوري الإيراني في سوريا من حيث السيطرة والنفوذ ، ويقابَل بالرفض من قِبَل كثير من المليشيات السورية  لتفضيل النظام المقاتلين اللبنانيين على السوريين أصحاب الأرض، وسنأتي على دراسته بشكل مفصل لاحقاً.

لواء صعدة اليمني:

وهو تشكيل يمني من المقاتلين الحوثيين، يبلغ عددهم قرابة 750 مقاتل، قاتلوا إلى جانب النظام السوري في أرياف دمشق الجنوبية والشرقية، وقُتل عدد منهم هناك، مهمتهم الأساسية حماية المقدسات الشيعية، إلا أن اللواء عاد إلى اليمن بعد تصاعد الأحداث هناك.

لواء القدس الفلسطيني:

وهو تشكيل عسكري من الفلسطينيين المقيمين في سوريا، وخاصة مقيمي مخيم باب النيرب في حلب، أسسه المهندس محمد السعيد عام 2013 بدعم من إيران، ومهامه القتال مع قوات النظام ضد فصائل المعارضة كقوات رديفة، وشارك في معارك عدة في حلب ودمشق ودير الزور ودرعا، يبلغ تعداده تقريبا 3000 مقاتل، ومقره الرئيسي مخيم باب النيرب، وله معسكرات تدريب في مخيم حندرات والشيخ نجار والملاح في ريف حلب.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة:

 تشكيل فلسطيني قديم المنشأ، مقره الرئيسي بدمشق يترأسه أحمد جبريل، شارك عناصره مع قوات النظام منذ بداية الاحتجاجات في سوريا، انضم إليه مزيد من المقاتلين الجدد، ويتلقى دعماً من إيران، وشارك في معارك مخيمي اليرموك وفلسطين وريف دمشق الجنوبي، وانشق عنه مقاتلون، وانضموا إلى فصائل المعارضة في مخيم اليرموك تحت مسمى القيادة العامة الحرة، وتربط القيادة العامة علاقات جيدة بحزب الله اللبناني، تتلقى الجبهة تدريبات في معسكراتهم في لبنان، وللقيادة العامة معسكرات تدريب في  صيدنايا في ريف دمشق الشمالي والصبورة في ريف دمشق الغربي.

 سرايا التوحيد اللبنانية:

وهي ميليشيا أطلقها اللبناني وئام وهاب (حليف حزب الله في لبنان)، وتوجد في سورية بأعداد قليلة جدًا، لا تتعدى 70 عنصرًا، وكانت مشاركتها في المعارك ضعيفة، ومن أبرز المعارك التي اشتركت فيها معركة شرق السويداء ضد تنظيم (داعش)، وتعمل تحت إمرة ميليشيا “حزب الله” اللبناني.

ميليشيا “حرّاس المقام”:

تم تأسيسها عام 2013، حول مقام السيدة رقية في قلب دمشق وبالقرب من الجامع الأموي وفي حرم مقام السيدة زينب، عناصرها من السوريين واللبنانيين والعراقيين، ومهمتها حماية مقامات السيدة رقية والسيدة زينب، وعدد عناصرها 600 مسلح.

القوة 313:

وهي القوة التي تتخفى تحت اسم الدفاع الوطني، وتتبع لميليشيا “حزب الله” اللبناني، وتعمل أمنيًا تحت ستار عسكري الهدف منه تجنيد كوادر سنّية وتنفيذ عمليات اغتيال داخل صفوف ضباط نظام الأسد حصرًا، لمن لا ترغب إيران فيهم، وتحاول إيران بواسطة حزب الله اللبناني صناعة حزب إيران السوري، يشبه ميليشيا “حزب الله” في لبنان، ويقود هذه القوة الحاج أبو العباس، ويحاول المسؤولون عن هذه القوة تجنيد شباب المصالحات من الطائفة السنية في محافظتي درعا والقنيطرة، لإخفاء طبيعتها الطائفية، ويبلغ تعداد هذه القوة ما بين 200 و 250 عنصر، شاركت القوة 313 في معارك داريا ومعركة تدمر ومعارك الغوطة الغربية ومعركة حلب ومعارك المنشية في درعا ومعارك ريف حماة الشمالي.

رابعاً: الميليشيات الشيعية السورية:

كتيبة الفوعة:

تشكيل عسكري غالبية مقاتليه من المذهب الشيعي، قوامه 300 مقاتل من أبناء بلدة الفوعة، يتلقون الدعم العسكري واللوجستي من إيران، ويقاتلون كقوات رديفة لقوات النظام، كان مركزهم في الفوعة بريف إدلب في الشمال الغربي، ثم انتقل إلى ريف دمشق بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها.

كتيبة الزهراء:

تشكيل عسكري من أبناء بلدة الزهراء في حلب، يتلقون الدعم العسكري واللوجستي والتدريب من إيران ويقاتلون كقوات رديفة لقوات النظام.

كتيبة العباس:

تشكيل عسكري من أبناء بلدتي كفريا والفوعة، قوامه نحو 200 مقاتل، ويتلقون دعماً من إيران، ويقاتلون إلى جانب النظام السوري.

كتيبة شهيد المحراب:

تشكيل عسكري من بلدة نبل قوامه قرابة 150 مقاتلاً، ويتلقون دعماً من إيران، ويقاتلون إلى جانب قوات النظام السوري.

حزب الله السوري:

تشكيل عسكري من عدة ميليشيات سورية (كانت تسمى اللجان الشعبية واللجان الوطنية انتشرت في سوريا منذ عام 2013) ويقود كوادره الأمنية إبراهيم عقيل (أحد قياديي حزب الله اللبناني)، قاتل إلى جانب قوات النظام السوري، ينتشر في مراكز المحافظات، ويتلقى تدريباته العسكرية في لبنان، ودعمه المادي من إيران، واستقطب الحزب بعض فصائل المصالحة إلى صفوفه مقابل الدعم المالي والحماية.

جمعية البستان:

وهي جمعية خيرية بظاهرها تأسست عام 1999، وتتبع لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف (ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد)، ومع اندلاع الاحتجاجات تحولت إلى تشكيل يضم متطوعين يشاركون في قمع المحتجين، والقتال إلى جانب قوات النظام السوري، وعملت الجمعية على دعم عملية “نشر المذهب الشيعي” بعد التغلغل الإيراني في سوريا، وساعدت على بناء الحسينيات والمدارس الشرعية، وإقامة الاحتفالات الشيعية في الساحل ودمشق.

وبعد سيطرة قوات النظام السوري على الجنوب السوري تشكلت عدة مجموعات تتبع لحزب الله السوري، وأهم الجماعات التي تنتسب للحزب هي:

  • لواء العرين: تشكيل عسكري من أبناء درعا مقره الرئيسي بحي الكاشف في مدينة درعا، يبلغ عدد عناصره 600 عنصر بقيادة وسيم مسالمة، من مهامه القتال إلى جانب النظام السوري ضمن محافظة درعا، يتلقى تمويلاً من إيران ومن عمليات الاتجار بالمخدرات لصالح حزب الله اللبناني.
  • لواء درع الوطن: يبلغ عدد قواته نحو 400 عنصر مقره مدينة درعا، هو تشكيل عسكري تابع لإيران بقيادة طارق معروف، شهد ازدياداً بعدد قواته بعد سيطرة النظام السوري على الجنوب.
  • مجموعة خالد الحشيش: تشكلت من عناصر المصالحات بقيادة خالد الحشيش المقرب من الفرقة الرابعة، مقره الرئيسي بلدة تل شهاب في ريف درعا الغربي، ينتشر عناصره في المنطقة الحدودية مع الأردن في كل من بلدات تل شهاب والطبريات وزيزون.
  • مجموعة أبو سالم: يبلغ عدد مقاتليها 300 عنصر بقيادة أحمد مهاوش الملقب “أبو سالم الخالدي” مركزه الرئيسي بلدة خراب الشحم وتتمركز أيضاً في بلدات (العجمي والفوار وخربة قيس ونهج) وتعمل في تهريب المخدرات إلى الأردن لصالح عناصر حزب الله اللبناني.
  • مجموعة هيثم أبو سعيفان: يبلغ عدد عناصرها قرابة 200 عنصر، يترأسها هيثم أبو سعيفان (وهو عنصر متقاعد من الأمن العسكري سابقاً، وحالياً يعمل لصالح حزب الله اللبناني) تنتشر المجموعة في بلدة الشجرة والقرى المحيطة بها على الحدود مع الجولان غرباً والأردن جنوباً في منطقة تسمى (حوض اليرموك).
  • مجموعة مجد الملوحي: تشكيل عسكري حديث الولادة في منطقة اللجاة في ريف درعا الشمالي الشرقي، وتتبع لحزب الله، أغلب عناصرها من فصائل المصالحات (ألوية العمري سابقاً) عددهم قرابة 200 عنصر، وينشطون في تهريب المخدرات.
  • مجموعة سامر الحريري: تشكيل عسكري حديث قوامها 200 عنصر من فصائل المصالحة (فرقة عامود حوران سابقاً) بقيادة سامر الحريري (قائد عسكري في الجيش الحر سابقاً) مركزها في بلدة بصرى الحرير في ريف درعا الشرقي.
  • مجموعة محمد الحراكي: تشكيل عسكري حديث بقيادة محمد الحراكي، يبلغ عدد عناصرها نحو الـ100 أغلبهم من عناصر المصالحات في بلدة المليحة في ريف درعا الشرقي.
  • مجموعة فارس الحويلة: تشكيل عسكري حديث مؤلف من عناصر المصالحات، وقوامه قرابة 100 عنصر بقيادة فارس الحويلة مركزه بلدة غصم في ريف درعا الشرقي.
  • مجموعة علي العذبة: تشكيل عسكري حديث مشكل من أبناء بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، بقيادة علي العذبة.
  • مجموعة خضر حليحل: تتمركز في بلدة الرفيد وسط القنيطرة على الشريط الحدودي مع الجولان، وتتكون من عناصر المصالحات (لواء السبطين سابقاً).
  • مجموعة أحمد كبول: تتكون من عناصر موالية للنظام السوري في خان أرنبة بريف القنيطرة الشمالي.
  • مجموعة معاذ نصار: تتألف من عناصر المصالحات من بلدة جباتا الخشب ومحيطها.
  • مجموعة باسل حسون: تتكون من “الدروز” التابعين لبلدة حضر في ريف القنيطرة الشمالي.
  • مجموعة أبو غدير: تتألف من عناصر المصالحات، كانت جبهة تابعة للمعارضة سابقاً، توجد في بلدة غدير البستان في ريف القنيطرة الجنوبي.
  • مجموعة ظاهر الحمد: تتألف من عناصر المصالحات، كانت جبهة تابعة للمعارضة سابقاً في صيدا الجولان بريف القنيطرة الجنوبي.

وتسعى إيران إلى توسيع نشاطاتها العسكرية وخاصة في الجنوب السوري، وذلك باستقطاب المزيد من العناصر من خلال الترغيب بالحماية والاستفادة المادية، والترهيب بالتهديد والاعتقال، و فيمايلي خريطة توضح نقاط تواجد المليشيات والقوات الايرانية والشيعية في سوريا:

 

خريطة توضح أماكن انتشار وتواجد القوات الشيعية في سوريا

خسائر الميليشيات الشيعية في سوريا:

لا توجد أعداد موثقة لهذه الخسائر، ولكن هناك بعض المواقع الرسمية التي نشرت خسائر هذه الميليشيات حيث تقول حركة (مجاهدي خلق) الإيرانية المعارضة إنّها حصلت على معلومات من داخل مؤسسة قوات الحرس الثوري الإيراني، بأنّ خسائر الحرس والميليشيات المكونة من اللبنانيين، والأفغان، والباكستانيين، والعراقيين قد تجاوزت (10) آلاف قتيل ناهيك عن الجرحى والأسرى والعتاد.

مستقبل الميليشيات الشيعية في سوريا

يمكن أن يشكل بقاء الميليشيات الشيعية في سوريا جزءًا من عملية التغيير الديمغرافي التي يعمل النظام وإيران على تنفيذها، خصوصاً وأنّ البيئة السورية مواتيه لمثل هذا التمدد والتغيير، وصرح قائد الحرس الثوري الإيراني في 16 كانون الثاني 2019 “إنّ إيران ستُبقي على وجودها العسكري في سوريا في تحدّ للتهديدات الإسرائيلية باستهدافها ما لم تخرج من هناك”، مستغلا الحاجة الماسة لقوات الأسد للقوى البشرية المقاتلة بعد الخسائر الكبيرة لجيش النظام وموجات الهروب والانشقاق، كما أنه لاتزال أمام الميليشيات مهام لخدمة النظام حتى بعد انتهاء المعارك الفعلية مع قوات المعارضة في معظم أنحاء سوريا، إذ إنَّ هناك دعوات للسيطرة على حزام العاصمة دمشق، وتكوين حزام أشبه بحزام بغداد، حيث صرّح رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية “محمد باقري”، إن إيران والنظام السوري سيواصلان الهجمات العسكرية على الغوطة الشرقية لتأمين حزام العاصمة…” متجاوزاً اتفاقات خفض التصعيد عام 2017، وقرار مجلس الأمن الرقم (2401) للعام 2018.

ولتثبيت بقاء هذه الميليشيات، أصدر النظام السوري قرارات تنص على مصادرة أراضي وأملاك للمعارضين، وتوزيع بعضها على منتسبين في الجيش والأجهزة الأمنية والميليشيات التي تقاتل في سوريا، لاسيما بعد تصريح لرئيس النظام بشار الأسد قال فيه “إنّ سوريا لمن يدافع عنها أياً كانت جنسيته”، كما وردت العديد من التسريبات عن منح الجنسية السورية لعناصر من الميليشيات وفي مناطق مختلفة من سوريا، ويمكن أن يكون بقاؤها في سوريا ضمن شروط معينة، ويبدو أنّ من الأدوار المستقبلية للميليشيات الشيعية التي تقاتل في سوريا، هو تهديد الدول المجاورة سواء كانت تركيا أو الأردن أو إسرائيل، واستخدامها كورقة للمساومة وتوظيفها في أي مفاوضات قادمة مع إيران، وقد كانت الميليشيات الأجنبية حاضرة في اتفاقات مع كل من إسرائيل والأردن، فبعد ضربات جوية إسرائيلية للوجود الإيراني في سوريا، جرت صفقة اتفاق روسي إسرائيلي إيراني تقوم على إبعاد الميليشيات مسافة (85) كيلومترا عن مرتفعات الجولان المحتلة، على أن تؤول مسؤولية هذه المناطق لقوات النظام السوري، كما ساعد الأردن في اتفاق يقضي بتسليم المعارضة السورية للأسلحة الثقيلة والخروج الآمن مقابل عدم اجتياح الميليشيات الشيعية والإيرانية بالتحديد لمناطق درعا والقنيطرة قرب الحدود الأردنية، وترتبط سيناريوهات الوجود الشيعي في سورية بعدّة محدّدات، أهمها:

  • الوجود الروسي: حيث أصبحت روسيا صاحبة اليد الطولى في المعسكر الداعم للنظام، وهي أصلاً الأكثر تأثيراً وحضوراً في الساحة الدولية من نظيرتها الإيرانية.
  • الموقف الأمريكي: فإذا اعتمدت واشنطن سياسة حقيقية لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة، وسورية تحديداً، فإنّ ذلك يمكن أن يؤدّي إلى إضعاف الوجود الإيراني في سورية، أو يرفع من كلفته بشكل باهظ.
  • شكل الحل السياسي الذي يمكن أن تصل له كل الأطراف: ويتأثر شكل هذا الحل بأدوار ومواقف كل الفاعلين، بما فيهم الطرفان الروسي والأمريكي، إضافة إلى الأطراف الإقليمية الأخرى مثل تركيا والسعودية، وحتى الفاعلين دون مستوى الدولة مثل الأكراد وفصائل المعارضة.

كما يفترض أن تعيد إيران تقييم استراتيجيتها في سوريا لتواجه بواقعية المتغيرات الإقليمية والدولية ، بحيث تتوافق مع ضرورات المواجهة مع منافسيها وخصومها، وتفعّل عمليات التنسيق مع حلفائها، إذا كانت راغبة فعلياً في الحفاظ على وجودها في سوريا، وتواجه إيران حالياً وضعاً خطيراً في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر، في وقتٍ تبدو إيران مترددة وخائفة من تداعيات مواجهة الهجمات الإسرائيلية باللجوء إلى استعمال قدراتها الصاروخية البعيدة المدى، والقادرة على تحقيق إصابات دقيقة ضد الأهداف الإسرائيلية الحساسة، ويؤشر هذا التردد إلى مخاوف إيران من الانزلاق إلى حرب واسعة مع إسرائيل، مع احتمال توسُّع مسرح العمليات وتدخل الولايات المتحدة في الصراع، كما وتعلَم القيادة الإيرانية أنّ انتشارها على جبهة واسعة تمتد من الخليج إلى سوريا لا يسمح لها بحشد ما يلزم من قوى عسكرية لخوض معركة متكافئة، سواء في سوريا أو على المستوى الإقليمي، مع ما سيترتب على ذلك من تداعيات في داخل إيران نفسها، وفي إطار استشراف مستقبل الوجود العسكري الإيراني في سوريا، يمكن تصوّر السيناريوهات الآتية:

1.     توافق روسي-إيراني:

يتوافق الطرفان الروسي والإيراني على تقاسم المهام والنفوذ في المنطقة التي ستكون تحت سيطرة نظام الأسد، بشكل مشابه للوضع الحالي، بحيث يتولّى الطرف الروسي الشأن العسكري والسياسي الكلي، فيما يتولّى الطرف الإيراني الشأن المتعلق بتفاصيل الحياة اليومية، وفي بنية النظام السياسي والأمني والاجتماعي، وفي هذا السيناريو من المحتمل أن لا تقوم الولايات المتحدة بممارسة ضغوط على إيران للخروج من سورية، بقدر ما تحاول حصرها في داخل إقليم الأسد، ومنعها من التمدد خارجه، وتترك للطرف الروسي مسؤولية ضبط طموحات شريكه الإيراني، وضمان التزامه بالتوافقات الإقليمية والدولية التي يتم التوصل إليها، وتضمن إيران في هذا السيناريو خروجاً لائقاً لحزب الله والميليشيات الشيعية، بأكبر المكاسب السياسية والعسكرية التي يمكن حملها إلى كل من لبنان والعراق، كما قد تضمن ممراً جزئياً عبر الحدود العراقية، يمكن أن يُعيد وصل الهلال الشيعي ولو بالحدود الدنيا، كما ستحاول إيران في هذا السيناريو الاستفادة القصوى من المساحات التي تتركها روسيا من خلال امتناعها عن التدخل في كثير من التفاصيل، والضغط باتجاه توسيع الحدود الروسية المتاحة، وهي السياسة التي تطبع سياستها الخارجية بشكل دائم، ويمثّل هذا السيناريو أفضل الخيارات المتاحة إيرانياً في الوقت الراهن، رغم أنه يُمثل أقل من الحد الأدنى غير المقبول في عام 2011، وإن كان من الممكن أن يخضع لبعض التعديلات تبعاً لتفاعل محددات السيناريوهات السابقة.

2.     الخروج من سورية

ترفض إيران أيّة مساومة على وجودها في سوريا، انطلاقاً من التكاليف الباهظة التي دفعتها في الحرب، وتقرر ركوب مغامرة الإبقاء على وجودها العسكري، ومواجهة احتمال الدخول في حرب مفتوحة مع خصومها هناك، ولاسيما إسرائيل، وفي هذا السيناريو يتم التوافق روسيا وأمريكياً على إخراج إيران من سورية، مقابل إطلاق اليد الروسية في إقليم الأسد، وتوسيع نفوذ هذا الإقليم قليلاً ليشمل مناطق جديدة لا يضمّها اليوم، وبإجبار إيران على الخروج من سورية، سيَخرج حزبُ الله والميليشيات الشيعية الأخرى التابعة لها، كما يمكن أن نشهد تركيزاً دولياً على الدور الذي قامت به هذه الميليشيات في السنوات السابقة، ودعوات لمحاكمة أو محاسبة بعض من مرتكبي جرائم الحرب من هذه الميليشيات، ولا يمتلك هذا السيناريو في الوقت الراهن أي معطيات مرجّحة، حيث لا يبدو أن الإدارة الأمريكية لديها حالياً النية أو الرغبة الحقيقية للضغط على إيران لإخراجها من سورية، أو حتى الحدّ من نفوذها هناك، كما لا يبدو الكرملين مستعداً للتخلي عن الشريك الإيراني، والذي يوفّر له الطاقة البشرية التي يحتاجها على الأرض، وهو غير المستعد لاستبدالها بجنود روس، كما يفترِض هذا السيناريو اتجاه إسرائيل إلى تكثيف هجماتها ضد القواعد والقوات الإيرانية والمليشيات الأجنبية التابعة لها، في ظل استمرار التواطؤ الروسي-الإسرائيلي، وعجْز النظام السوري عن المساعدة في الحد من نتائجها، فتُقرر إيران سحب عدد كبير من قواتها وميليشياتها والإبقاء على عدد محدود من المستشارين، ووضع ميليشياتها الشيعية في تصرُّف القيادة السورية وإشرافها.

3.     توسّع السيطرة

في هذا السيناريو تتمكّن إيران من توسّيع سيطرتها في سورية، بعد التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، تضمن فيه إيران المصالح الأمريكية ومصالح دول الجوار الرئيسية، مقابل السماح لإيران بالوصول إلى المنطقة الجنوبية ومحافظة دير الزور، وهو ما تسعى له إيران في الوقت الراهن، ورغم الأهمية الإيرانية للمناطق التي يُسيطر عليها نظام الأسد، وخاصة من جهة اتصالها مع الحدود اللبنانية وامتلاكها لكامل المنفذ السوري على البحر، إلا أن انقطاع الاتصال مع العراق وفقدانها لموارد النفط والغاز والموارد الزراعة والمائية الأساسية (في سهل حوران والحسكة والرقة) يجعل من هذه المناطق هشة من ناحية الأمن الاقتصادي، وتحاول إيران استغلال فائض القوة الذي تملكه في سورية الآن، وخاصة بعد توقف الأعمال القتالية مع المعارضة، والفائض في العراق، لدعم المشروع الأمريكي الذي يسعى للتخلص من تنظيم داعش لأسباب سياسية داخلية أكثر منها أسباب متعلقة بأمن المنطقة وتوازناتها، بما يفتح المجال أمام الراغبين والقادرين من الفاعلين في المنطقة للمساهمة في تحقيق هذا الهدف، في تكرار لسيناريو الدعم الشيعي للقوات الأمريكية في العراق عام 2003، والذي حقّق أهداف الإدارة الأمريكية آنذاك بغض النظر عن مستقبل العراق، والذي لم يكن يحظى بأهمية في الاستراتيجية الأمريكية.

ورغم قيام قوات التحالف باستهدافات متكررة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية، إلا أنّ ذلك لا يُشكّل سياسياً رفضاً أمريكياً كاملاً للسيناريو، بقدر ما يمثّل تأكيداً على الخطوط الأمريكية ورفضاً لتوسيع النفوذ دون توافق سياسي مسبق، ولكن العقبة الرئيسية في وجه هذا المشروع ستتمثّل عملياً في دول المنطقة، والتي ستكون بمثابة كوابح لأي موافقات أمريكية في هذا السياق، حيث ترفض كل من الأردن وإسرائيل والسعودية وتركيا مثل هذا الدور، وستعمل على منع الأمريكيين من الموافقة على أي عروض إيرانية للتعاون في الحرب على داعش، أو التوسع شرقاً وجنوباً.

4.     المحاصصة الجغرافية

يُشير هذا السيناريو إلى جنوح إيران للتحرك بواقعية وعقلانية للقبول بنظام المحاصصة الجغرافية الذي بات قائماً في سورية من خلال محادثات آستانه وتحركات الدول الفاعلة، بحيث أصبح الشمال الشرقي يُمثل النفوذ الأمريكي الغربي بوجودها المباشر وغير المباشر عبر وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أمريكياً، والشمال الغربي يُمثل النفوذ التركي المباشر وغير المباشر عبر فصائل المعارضة، وأضحى عموم سورية تحت السيطرة الروسية الدبلوماسية والعسكرية الجوية، أما النفوذ الإيراني الميداني البائن فيتركّز في وسط سورية، لا سيما الجزء الجنوبي من البادية من شرقها حتى غربها ومحيط دمشق، وهنا يختلف هذا السيناريو عن الحالتين اللبنانية والعراقية بانعدام القوة العسكرية “الميليشياوية” الضاربة باسم إيران، ومحدودية النفوذ السياسي والجغرافي،  وفي إطار هذا السيناريو يظهر للسطح توجه واضح نحو الأساليب الناعمة، لا سيما تحقيق توغل مؤسسي سياسي وأمني واقتصادي في القطاعين العام والخاص، مع الركون إلى تدعيم وجودها بالحفاظ على محوريّة تحركها بين العراق وسورية ولبنان، وتعزيز هذا المحور بدعم اقتصادي مديد، وتحصينه بخطابات إعلامية تواتي توجه من يدور في فلكه.

إلا أنه لا يزال من المبكر المُفاضَلة بين هذه السيناريوهات أو ترجيح أحدها، فالأمر بات يرتبط بمسار المفاوضات المقبلة مع واشنطن، خصوصاً فيما يعود لمطالب إسرائيل والدول الخليجية، والتي تريد وقفاً كاملاً للبرنامج النووي الإيراني، وتغيير السلوك الإيراني التوسعي تجاه دول المنطقة، وسحب ميليشياتها وحرسها الثوري من مناطق التدخل الراهنة الممتدة من اليمن، وعبر العراق وسوريا إلى لبنان.

الخاتمة

لا شك في أن الدور الذي قامت به الميليشيات الشيعية في سورية ساعد كثيرًا في بقاء نظام الأسد على قيد الحياة، منذ عام 2012 حتى الآن، الى أن تدخلت روسيا بقواتها الجوية الضاربة، بعد فشل هذه الميليشيات وعجزها عن مواجهة فصائل الجيش الحر الذي حرّر أكثر من 70% من الأراضي السورية، وعلى الرغم من توفر كل أنواع الدعم المادي والمعنوي لهذه الميليشيات، فإنها هُزمت أمام قوة وإرادة الجيش الحر، قبل أن تخطفه الفصائل الراديكالية ويتآمر عليه من سيطر على المؤسسات الرسمية للمعارضة، ويبقى الخطر الأكبر الذي ستكرسه هذه الميليشيات هو المساعدة في فرض التغلغل الأمني والعسكري في صفوف الجيش السوري، إضافة إلى التغلغل الاجتماعي والاقتصادي والفكري في المجتمع السوري، إذ إن ذلك التغلغل سيحقق الهدف الإستراتيجي لملالي طهران المتمثل في تحقيق التغيير الديموغرافي في سورية، واستنادا الى ما تمر به الأزمة السورية من منعطفات وتحولات دولية  قائمة على مبدأ تقاسم النفوذ الذي يحفظ توازن القوى نسبياً، بين الدول الفاعلة، وعلى رأسهم إيران على اعتبار أنها تواجه ضغوطات إقليمية دولية كبيرة حول وجودها في سورية.

وفي سياق ذلك، تؤدي المعادلة السورية البنيوية للنظام والشعب، مع مسار المعادلتين الإقليمية والدولية، دوراً هاماً في دفع إيران للنظر في آلية مُثلى للحفاظ على نفوذها الجيوسياسي والجيواقتصادي الاستراتيجي في سورية، وباعتبار ذلك، يبدو أن السيناريوهات التي تحمل آليات بناء النفوذ الناعم، كسيناريوي التوغل المؤسسي والتغلغل الشعبي الناعمين، والتكيّف مع معادلة المحاصصة الجغرافية، هي الأكثر محاكاة للاستشراف الواقعي.