تنطلقُ أُولى الحروفِ والكلماتِ نحوَ تحقيقِ حُلمٍ رَاودنا لِسَنوات، حلمِ إِنقاذِ الشَّبابِ مِن التِّيهان، لنشرِ نورِ العِلْمِ الَّذي يبدِّدُ الظَّلام الدَّامسَ ويبدِّدُ التُّهمةَ عن دينِ التَّسامح، ليحفظَ الدِّماء المعصومةَ ويحفظَ العقولَ مِن ضلالِ الأَوهامِ المنحرفةِ الَّتي جَعلتِ الدَّاعيةَ النَّاصحَ طبيبَ القلوبِ مجرمًا قاتلًا!
وها نحن نرى ونسمعُ كيف يتمُّ القتلُ وسائرُ الجرائمِ باسمِ الدِّين، حيثُ تمَّ استخدامُ الشَّبابِ مِن قِبَلِ تَنظيماتٍ تكفيريَّةٍ لمشاريعَ ساذجةٍ ووهميَّةٍ في عقولِ أصحابِها أُولي السَّفَه والجهل، كما وصفهم النَّبيُّ ﷺ «بأحداثِ الأسنان سفهاء الأحلام».
ولم يكن هؤلاء على مستوى تَنظيمٍ صغيرٍ، بل اتَّسع الخَرْقُ لتكونَ دائرةُ الجريمةِ على مُستوى تَنظيماتٍ ومؤسَّساتٍ ومنظَّمات.. وأكثر وأعمق مِن ذلك!!
هذه التَّنظيمات الإجراميَّةُ استخدمَتِ الخطابَ الدِّينيَّ وطبَعتِ الكُتبَ وأحدَثتِ المناهجَ لتبثَّها عَبْر مواقعِها منذ عقودٍ مِن الزَّمَن، لِتَنقلبَ الشُّبهاتُ والادِّعاءاتُ لاحقًا بثوابتَ عند الشَّبابِ المتحمِّس، حتَّى أصبَحْنا أمامَ مدارسَ وتيَّاراتٍ تُغذِّي هذا الفِكْرَ وتتحكَّمَ به.
وما رأَيْناه مؤخَّرًا في سوريا والعراق هو نتيجةٌ لتلك التَّراكمات مِن الأفكار والمناهجِ والشُّبهاتِ المخالفةِ لمنهجِ السَّلَف الصَّالح، ولا شَكَّ أنَّ هذا الفِكْرَ متحوِّرٌ ومتغيِّرٌ لأنَّه لا ينطلقُ مِن أصولٍ علميَّةٍ ثابتةٍ، بل مِن حماساتٍ واستنتاجاتٍ وأفكارٍ مزوَّرةٍ على الدِّين.
ومِن هاهنا سَينطلقُ عمَلُ فريقِ «مَركزِ وسَط للبُحوث والدِّراساتِ الفكريَّة» في البحثِ والكتابةِ والشَّرحِ والرَّدِّ على كلِّ هذه الأفكارِ وضَرْبِ تلك الأَصنامِ الَّتي جَعلوها رُموزًا يَنهلون منها عِلْمَ التَّخريبِ والتَّفجير، والتَّصنيفِ والتَّحزيب.
وفريقُ «وسط» يتطلَّعُ إلى تحقيقِ نهضةٍ شاملةٍ تَقضي على تلك الجهالات ونتائجِها الَّتي شوَّهتِ الدِّين وأضاعَتِ الشَّبابَ في تَيهانِ التَّطرُّف والتَّنظيماتِ، ونلتمسُ منكُم التَّعاونَ ومد يدَ العَونِ عَبر المشاركاتِ الهادفةِ والتَّجارُبِ النَّافعةِ لِنَصِلَ إلى مَشروعٍ مُتكامِلٍ.
نتطلَّع معًا إلى بناءِ الإنسانِ المعتدِلِ والوَطنِ الخالي مِن التَّطرُّف، بعيدًا عن التَّشويهِ والتَّزويرِ باسمِ الدِّين، عَبْرَ الحِوَارِ والتَّناصُحِ، عَبر الكلمةِ الطَّيِّبةِ ووَفْقَ أصولٍ ثابتةٍ وراسخةٍ تَنْهَلُ مِن الـمَعينِ الصَّافي بلا تَحريفٍ ولا تَأويلٍ.
الطَّريقُ طَويلٌ.. وقَد بدَأْنا الخُطْوة الأُولى.. وننتظركم لتكونوا معنا.
قال تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتقوى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ».

الشيخ خالد الحماد