إعداد: محمد سليمان 

مقدمة:

تهدف هذه الدراسة الى عرض تحليلي موضوعي لأسباب تدخل حزب الله في سوريا والغاية من هذا التدخل وأماكن انتشاره بالإضافة الى السيناريوهات المحتملة لوجوده. بدأ دخول حزب الله إلى جانب قوات الأسد عام 2011، عبر تقديم الخدمات الاستشارية لقوات النظام وأجهزته الأمنية، وكان ميالاً إلى إخفاء مشاركته الميدانية في اقتحام المدن والبلدات على ظهر دبابات الأسد، بل وتأخر في إعلان موقف سياسي واضح من الحراك الشعبي، إلى أن تدرّج في موقفه ليعلن اصطفافه السياسي الكامل إلى جانب الأسد، ولاحقاً مشاركته العسكرية الرسمية في نيسان 2013، خلال معركة القصير في حمص، وتولّى عملياً مسؤولية برامج الدعاية المؤيدة للنظام في المنطقة العربية.  وخلال سنوات الصراع السوري عزز حزب الله انتشاره عسكريا في كافة المحافظات السورية تقريبا سواء بالحضور المباشر في بعض منها أو عبر شبكات وميليشيات محلية تدين بالولاء له. ولم يكن الحزب يملك خياراً آخر سوى الانخراط في المعركة الميدانية في سورية، وجميع الأهداف التي يمكن رصدها من وراء قرار الدخول إلى سورية هي بالضرورة أهداف إيرانية، بل إن حسابات إيران ودور حزب الله بالنسبة لها كذراع متقدمة لها في منطقة المشرق العربي هي ما أملت على طهران اتخاذ قرار تجنيد كافة قواها غير الإيرانية للمشاركة بصورة مباشرة في الحرب بسورية بهدف منع سقوط النظام وقيام نظام معاد لها، ولم يكن على حزب الله سوى التنفيذ.

دوافع المشاركة:

تُشكّل دوافع مشاركة حزب الله في سورية جزءاً من الدوافع الإيرانية لهذه المشاركة. لكن الحزب يمكن أن يستفيد من بعض هذه الدوافع المرتبطة به لتبرير مشاركته داخل صفه الداخلي وبين حاضنته الشعبية، ومن أبرز هذه المبررات:

أولاً: أن أية حكومة في دمشق قادرة بالضرورة على تحديد عدد من العناصر في معادلة موازين القوى في الداخل اللبناني، ما ينعكس بشكل مباشر على الحزب الذي نشأ وترعرع بدعم سوري يضاهي الدعم الإيراني.

ثانياً: أن الهوية الطائفية للنظام السوري تعدّ ضمانة نسبية لاستمرار التزام النظام تجاه حزب الله في لبنان، مهما تحسنت علاقاته الدولية.

ثالثاً: يمثل إنهيار نظام الأسد خسارة لخط الإمداد الرئيسي بالنسبة للحزب، حيث تقوم إيران باستخدام الأراضي السورية كمحطة تشغيل وتزويد للحزب، وتملك فيها حرية في التحرّك لا تملكها في لبنان رغم كل إمكانيات الحزب هناك.

رابعاً: أن المشروع الإيراني، الذي لا يستطيع حزب الله التفكير خارج بوتقته أو المناورة على هوامشه، يقوم على ما يسمى “الهلال الشيعي”، أو التواصل البري بين طهران والبحر المتوسط، وهو ما يعني ضرورة الحفاظ على نظام الأسد، لا سيما أنه في أضعف أحواله يسهل انتزاع بعض التنازلات منه مما لم يكن بالإمكان في زمن قوته.

خامساً: يجعل دعم إيران المباشر والكامل لنظام الأسد، وتبنّيها لمعركة حمايته، معركةَ وجود بالنسبة للمشروع الإيراني، وفي حالة نجاح طهران في تحقيق أهدافها هناك، فإنّ ذلك سيعني بالضرورة نجاحاً لحزب الله، والذي يعمل بأمر “ولي الفقيه” ويموّل بالكامل من طهران، وفقاً لتصريحات الأمين العام للحزب نفسه!

فيمايلي أبرز أهداف حزب الله من التدخل في سوريا:

  • منع سقوط الأسد عبر توفير الحماية اللازمة للعاصمة ومحيطها
  • تأمين وضمان حماية طرق الإمداد البري الواصلة بين إيران ولبنان والتي تمر من سوريا
  • توفير الحماية اللازمة للطائفة الشيعية في سوريا ودعمها والاستفادة منها في عمليات التجنيد وتشكيل حزب الله السوري
  • توفير الحماية اللازمة لمناطق سيطرة حزب الله في لبنان، وذلك بضرب عمق وحزام أمني على طول الحدود السورية اللبنانية، ويكون بمثابة ممر إمداد بديل له عن مناطق البقاع وجبل لبنان.
  • تعزيز الوجود في الجنوب السوري وبالتالي تشكيل قاعدة عمليات متقدمة على الحدود الإسرائيلية تشكل ورقة ضغط في حال الدخول بأي مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي أو في حالة التصعيد الإسرائيلي.
  • الدعم الكامل لسياسات إيران والنظام السوري على الأصعدة كافّة.
  • دعم وحماية خطوط الإمداد والاتصال بين الميليشيات الشيعية وبخاصة الإيرانية خلال العمليات العسكرية

البدايات والتدخل:

لم يتأخر حزب الله اللبناني في تلبية نداء نظام الأسد لمساعدته على مواجهة الانتفاضة الشعبية وهي في مهدها، مدعوماً بقرار إيراني صارم في هذا الصدد، إلا أن عدم رغبته بالإعلان عن هذه المساعدة، بحسب المؤشرات التي ذكرناها قبل قليل، حفاظاً على جزء كبير من شعبيته وعلاقاته التي حصدها من حروبه التي خاضها مع “إسرائيل” جعلته يتدرج على مدى عامين في انخراطه بالحرب السورية على العلن، كما جعلته يتدرّج في روايته لدوافع المشاركة وأسبابها، فقدّم نسخاً مختلفة من هذه الرواية لتناسب تدرجه في إعلان مشاركته.

تطوّرت مشاركة الحزب بشكل تدريجي، فبدأ الحزب في الشهور الأولى مشاركته جنود النظام في حملات القمع للمتظاهرين عبر قناصين بسرية تامة عبر وحدة النخبة الخارجية 910 التي تمركزت في الجنوب السوري، وظل ينفي وجود أي من عناصره في سورية رغم تواتر الأدلة على ذلك. كما شارك جهازه الإعلامي بقوة في الترويج للروايات المناهضة للحراك الشعبي، وحقق في ذلك نجاحاً أعلى من نجاح جهاز النظام نفسه، حيث إنَّ إعلامييه أكثر قدرة على التعاطي مع بيئة تتمتع بالاختلاف السياسي حد التناقض من إعلاميي النظام الذين لم يُجربوا إلا البيئة الأحادية الشمولية المطلقة.

وشارك الحزب بعد ذلك في معارك ميدانية بأعداد رمزية، لكن هذه المشاركة توسّعت في عام 2013 بعد معركة القصير عندما شن النظام هجمات منسقة على مدن وبلدات القلمون وريف حمص المحاذي للحدود اللبنانية، وتحوّلت المشاركة الرمزية إلى مشاركة فعلية، وأصبح الإعلان عن قتاله في المعارك ضرورة ملحة، نظراً لأن عناصره سيتولون المهمة الأساسية في بعض تلك المعارك، فلجأ إلى ترويج دعاية تقول بأن هناك قرى في هذه المناطق يسكنها لبنانيون شيعة يتعرّضون للخطر من قبل من يسميهم التكفيريون، ثم انتقل بعدها للحديث عن تدنيس مقامات وقبور آل البيت المدفونين في أنحاء متفرقة من سورية، داعياً عناصره للدفاع عن “العتبات المقدسة”، وهي دعاية شملت جميع المليشيات الشيعية الأجنبية المدارة من قبل إيران، قبل أن تختفي هذه الرواية من الخطاب السياسي في عام 2014، رغم أنها بقيت حاضرة في صفوف الحاضنة الشعبية لغايات حشد المقاتلين وتبرير الخسائر البشرية بينهم.

تصاعد عدد مقاتلي الحزب في سورية بشكل تدريجي، كما يُعتقد أنه تأرجح صعوداً ونزولاً، حيث كان في أوجه في عامي 2014 و2015، عندما كان النظام السوري في أضعف حالاته قبل التدخل الروسي. أما اليوم فيعتقد أن الحزب لديه ما بين 2000-4000 مقاتل داخل سورية.

كما عمل الحزب منذ عام 2012 على إنشاء فرع سوري له في مناطق وجود الشيعية في كل من نبل والزهراء شمال حلب، والفوعة وكفريا شمال إدلب، وبصرى الشام شرق درعا وغيرها.

ولم يكن خيار الاستمرار في المشاركة الصامتة متاحاً للحزب، لعدّة أسباب، أهمها الخسائر البشرية المتوالية للحزب بالتوازي مع محدودية الحاضنة الشعبية له في بلد صغير أصلاً، وبالتالي فإنّ مشاركته في سورية سوف تتحول لقضية رأي عام، خاصة في ظل انقسام كبير في الوسط السياسي اللبناني تجاه نظام الأسد. كما يُعتقد أن إيران دفعت باتجاه التموضع العلني، بعد اتضاح عدم قدرتها على حسم المعركة خلال أسابيع أو أشهر، وبالتالي دفعت الحزب لتقديم رواية كاملة للمشاركة ودوافعها، بدلاً من السماح للآخرين بصناعة هذه الرواية.

فيمايلي نبرز تسلسل زمني لأهم المعارك التي شارك وتدخل بها حزب الله في سوريا:

التسلسل الزمني لتدخل حزب الله في سوريا

انتشار حزب الله في سوريا:

  1. في حلب: يوجد حزب الله في 38 مواقع مستقلة ومشتركة مع الميليشيات الإيرانية وقوات الأسد مثل الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، وغالبا ما يوجد الحزب في القواعد والنقاط العسكرية التابعة والموالية لإيران في إطار غرف دعم وتجميع للقوات بالإضافة لمسؤوليته في قيادة غرف العمليات بشكل كامل تقريبا، بدأ انتشار حزب الله في حلب منتصف 2013 ودعم خطوط التماس لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية، وكانت له مشاركة فاعلة جدا في معارك ريف حلب الجنوبي أواخر 2015 مما أتاح له فرصة إنشاء نقطة عسكرية مشتركة مع إيران، بالإضافة لدوره الفاعل كما ذكرنا في فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي، لتتحول المنطقة الى ثكنة عسكرية تابعة له ويقوم فيها بعمليات تجنيد وتدريب وتسليح لمقاتلين محليين، وتنبع أهمية حلب لحزب الله من :
  2. دعم سياسات إيران التي عملت على تأمين مدينة حلب انطلاقا من الخاصرة الجنوبية وحماية وتأمين طرق الإمداد بين شمال سورية وجنوبها وهي طريق حلب-دمشق M5، وطريق أثريا-خناصر.
  3. حماية معامل الدفاع التي تعتبر موقعا مميزا لتصنيع الأسلحة والذخائر بما فيها الكيميائي بعيدا عن مرمى أهداف سلاح الجو الإسرائيلي رغم محاولات هذا الأخير توجيه ضربات لهذا الموقع
  4. اعتبار الجبهات في أرياف حلب الجنوبية والغربية والشمالية منطقة عمليات متقدمة ضد فصائل المعارضة في حال استئناف المعارك من قبل أطراف الصراع وبالتالي لحماية عمق مناطق سيطرة النظام أو لتوسيع نطاق نفوذه بالسيطرة على مناطق جديدة استراتيجية في إدلب أو شمال حلب
  5. تأمين وحماية مناطق وجود الطائفة الشيعية في نبل والزهراء شمال حلب، والاستعداد لاستعادة كفريا والفوعة شمال إدلب في حال توفرت الظروف الملائمة لذلك
الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
السفيرة الريف الجنوبي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
جبل عزان الريف الجنوبي غرفة عمليات مشترك مع إيران
معمل الجرارات الريف الشرقي مقر تجمع مشترك مع إيران
نبل والزهراء الريف الشمالي ثكنه مشترك مع إيران
الحمدانية كتلة البحوث العلمية  الراشدين 4 و 5 حلب المدينة مقر تجميع واختبار صواريخ مشترك مع إيران
كفرناها الريف الغربي مقر قيادة مستقل
ريف المهندسين الثاني 2 الريف الغربي مقر عسكري مستقل
كفرناها جمعية الكهرباء الريف الغربي مقر عسكري مستقل
عنجارة حرش بالا الريف الغربي مقر عسكري مستقل
عنجارة مرتفع بيت دركل الريف الغربي مقر عسكري مستقل
الشيخ علي الريف الغربي مقر عسكري مستقل
عنجارة السلوم الريف الغربي مقر عسكري مستقل
السفيرة الريف الجنوبي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
السفيرة معامل الدفاع والبحوث العلمية الريف الجنوبي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
تل حاصل من الجهة الجنوبية الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
تل حاصل من الجهة الشمالية الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
معارة الأرتيق الريف الغربي مقر عسكري مستقل
طريق تل عرن تل حاصل الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
ضهرة عبد ربه الريف الغربي مقر عسكري مستقل
طريق حلب المنصورة الريف الغربي مقر عسكري مستقل
معارة الأرتيق الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
تل بر2 الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
بلدة تركان2 الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
قرية المالكية الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
كفر حمرة الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
طريق دوار بالليرمون كفر حمرة الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
بلدة الزهراء الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
كفرناها 3 الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
القناطر2 الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
مزارع ريف المهندسين الأول 2 الريف الغربي مقر عسكري مستقل
  • في إدلب: يوجد حزب الله في إدلب ضمن 13 موقعا بصورة شبه مستقلة، أو بالاشتراك مع الميليشيات التابعة لإيران أو قوات الأسد بشكل محدود، علما ان جميع المواقع هي عبارة عن نقاط قتال على خطوط التماس باستثناء مطار أبو الظهور الذي يعتبر قاعدة عسكرية لإيران، ويوجد فيها الحزب ضمن غرفة العمليات وفي إطار الدعم وتجميع القوات.

بدأ حزب الله الانتشار على جبهات ريف إدلب بعد دخول النظام السوري الحدود الإدارية للمحافظة مطلع عام 2018 ، خلال عملية السيطرة على منطقة شرق سكة الحجاز التي شارك فيها حزب الله بفاعلية كبيرة، وقبيل توقيع مذكرة سوتشي 2018 ، كان حزب الله قد استدعى قواته الموجودة في دير الزور وريف دمشق وحمص لإعادة الانتشار على خطوط التماس مع فصائل المعارضة السورية في إدلب، استعدادا لحملة عسكرية مرتقبة حينها قبل التوصل لتفاهم ثنائي بين روسيا وتركيا يقضي بتجديد وقف إطلاق النار بمنطقة خفض التصعيد، وفي أواخر عام 2019 أعاد حزب الله الانتشار على خطوط التماس في إدلب ، استعدادا لشن النظام السوري وحلفاؤه حمله عسكرية على المنطقة ومع أن مشاركته كانت متأخرة في العمليات القتالية ولكنه ساهم في كسر خطوط التماس لفصائل المعارضة في بعض الجبهات ، ويلاحظ  أن النقاط العسكرية التي أنشأها حزب الله في جنوب وشرق إدلب، لطالما كانت في إطار المهام القتالية ، أي كخطوط قتال لأغراض الدفاع والهجوم . إنّ الاعتماد على حزب الله بشكل شبه مستقل في عمليات الانتشار يبدو مرتبطا بضرورة تغطية عمق مطار أبو الظهور وحماية المواقع المتقدمة التي تمت السيطرة عليها على طرق الإمداد الرئيسية في مدينة سراقب في ظل غياب الوفرة العددية للعناصر ذات الخبرة الكافية في قوات الأسد، هذا عدا عن ضرورة التمركز في المواقع القريبة من أحد محاور القتال في محيط كفريا والفوعة.

الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
حاجز مفرق الرصافة شرقي سراقب الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
رصافة الريف الشرقي مقر عسكري  
طريق محاريم الرصافة الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
قرية الرصافة شرقي سراقب الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
رصافة الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
تل النباريز الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
الخواري الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
محاريم الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
قرية جوباس الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
مرديخ المركز الثقافي الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
قرية داديخ الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
بلدة سلامين شرقي سراقب الريف الشرقي مقر عسكري مستقل
سوق هال البطاطا سابقاً الريف الشرقي مقر عسكري مشترك مع إيران
  • في حماه: يوجد حزب الله في حماه ضمن 4 مواقع، وذلك بشكل مشترك مع الميليشيات التابعة لإيران أو قوات الأسد، ومنذ إنشاء إيران للقواعد والنقاط العسكرية في حماه أوفد حزب الله الخبراء للمشاركة في قيادة الصنوف العسكرية على اختلافها في ظل غياب الكفاءة أو المهارة الكافية لدى المقاتلين المحليين سواء المجندين في صفوف الجيش أو القوى الرديفة له مثل الدفاع المحلي.

وفي أواخر آب 2016 شارك حزب الله في الدفاع عن ريف حماه الشمالي بعد المعركة الواسعة التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية للسيطرة على المنطقة، وفي نيسان 2017 شارك حزب الله في الحملة العسكرية التي أطلقها النظام السوري وحلفاؤه لاستعادة السيطرة على ريف حماه الشمالي، وفي مطلع عام 2018 شارك حزب الله في معركة السيطرة على ريف حماه الشمالي الشرقي الذي يشكل امتدادا لمنطقة شرق سكة الحجاز، وفي مطلع عام 2020 شارك حزب الله في معركة السيطرة على ريف حماه الشمالي بعد إنهيار اتفاق وقف إطلاق النار في إطار مذكرة سوتشي 2018. وتكمن أهمية المواقع التي يوجد فيها حزب الله في حماه بأنها خط الدفاع الرئيسي عن المدينة ومركزا متقدما لإعادة تجميع القوات وتجهيزها لإعادة شن الهجمات، ولطالما كان جبل زين العابدين ثغرة لم تستطع فصائل المعارضة اختراقها ويقدم حزب الله خبرات عمليات تطوير الأسلحة ضمن مطار حماه.

الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
جبل زين العابدين الريف الشمالي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
مدرسة المجنزرات الريف الشرقي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
مطار حماه العسكري الريف الغربي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
اللواء 47 الريف الجنوبي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
  • في حمص: يوجد حزب الله في حمص ضمن 11 موقع وذلك بشكل مستقل أو مشترك أحياناً مع الميليشيات التابعة لإيران،  ويشكل ريف حمص الممتد على طول الشريط الحدودي مع لبنان عمقا أمنياً لحزب الله ولهذا السبب أعلن تدخله بشكل رسمي في معركة القصير عام 2013 ، ضد المعارضة السورية التي كانت على وشك تحقيق اختراق لصالحها ومنذ تشرين الثاني 2015 بدأ النظام السوري وحلفاؤه حملة عسكرية للسيطرة على محافظة حمص شارك فيها حزب الله بفعالية سواء ضد فصائل المعارضة أو ضد تنظيم داعش، ويرتبط انتشار حزب الله في حمص بعدد من الأهداف وهي:
  • تأمين وحماية وجود الطائفة الشيعية الموجودة في المدينة والريف ومثال ذلك منع فصائل المعارضة لسنوات من الوصول الى قريتي الكم والمختارية
  • حماية وتأمين طريق الإمداد والنقل العسكري بين حمص وجنوب لبنان
  • دعم سياسات إيران التي عملت على تأمين طريق الإمداد بين العاصمة والساحل السوري عبر حمص وطرق الإمداد بين طهران وبيروت عبر صحراء حمص
  • دعم سياسات إيران التي عملت على استعادة النظام السوري السيطرة على مصادر الثروة والقوة
  • دعم سياسات إيران في عمليات التصنيع والتخزين والتطوير المتمركزة في حمص
الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
الأشرفية الريف الشمالي ثكنه مشترك مع إيران
النجمة الريف الشمالي ثكنه مشترك مع إيران
كلية هندسة الميدان العسكرية الريف الشمالي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
تدمر – فندق ديديمان الريف الشرقي ثكنه مشترك مع إيران
الكونفاي الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
كازية البريج الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
مقآبل قارة الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
مطار T4 الريف الشرقي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
السخنة الريف الشرقي مقر مستقل
تدمر الريف الشرقي مقر مستقل
القصير الريف الغربي ثكنه مستقل
  • في دمشق وريفها: يوجد حزب الله في دمشق وريفها ضمن 12 موقع، وذلك بشكل مستقل وشبه مستق ومشترك أحيانا مع الميليشيات التابعة لإيران ، وتشكل دمشق وريفها على غرار حمص ولاسيما المناطق على طول الشريط الحدودي مع لبنان عمقاً أمنياً لحزب الله الذي تدخل بشكل حازم في دعم سيطرة النظام السوري على يبرود في آذار 2014 ، كما كان لحزب الله دور رئيسي في حصار مدن الزبداني ومضايا وسرغايا منذ عام 2015حتى استعادة النظام السوري السيطرة عليها بموجب تطبيق اتفاق المدن الأربعة منتصف عام 2018 ، دعم الحزب أيضا عمليات الجيش اللبناني لتأمين واستعادة السيطرة على جرود عرسال في منتصف عام 2017، وكذلك عمليات النظام السوري لتأمين واستعادة السيطرة على جرود القلمون في التاريخ نفسه.

في الواقع أن انتشار حزب الله في دمشق وريفها مرتبط بعدد من الأهداف وهي:

  • تأمين طريق إمداد عسكري مباشر بين معاقله جنوب لبنان وسوريا
  • توفير طرق آمنه لتجارة وزراعة المواد المخدرة
  • دعم سياسات إيران في تأمين طريق الإمداد بين العاصمة والساحل وبين شمال سوريا وجنوبها على طريق M5  و بين شرقها والعاصمة على طريق دمشق بغداد
  • دعم سياسات إيران في عمليات التصنيع والتخزين والتطوير المتمركزة في دمشق وريفها
الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
جدية يابوس الريف الغربي ثكنه مشترك مع إيران
مطار الديماس الريف الغربي ثكنه مشترك مع إيران
جزء من معسكر الدريج الريف الغربي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
الحرجلة الريف الجنوبي ثكنه مشترك مع إيران
السبينة المخابرات الجوية الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
فليطة الريف الشمالي الغربي مقر عسكري مستقل
عسال الورد الريف الشمالي الغربي مقر عسكري مستقل
مطار السين الريف الشمالي الشرقي قاعدة عسكرية مشترك مع إيران
كناكر الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
سرغايا الريف الغربي مقر عسكري مستقل
عسال الورد الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
راس الثلاجات الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
  • في درعا: يوجد حزب الله في درعا ضمن 20 موقع وذلك بشكل مستقل وشبه مستقل ومشترك أحيانا مع الميليشيات التابعة لإيران وأحيانا أخرى مع النظام السوري، ومنذ أواخر عام 2014 دعم حزب الله النظام السوري في الدفاع عن معاقله في جنوب سوريا لاسيما منطقة مثلث الموت قرب الحدود مع الجولان المحتل أثناء هجوم فصائل المعارضة عليها وكذلك في عملية استعادة السيطرة عليها في شباط 2015.

وفي آذار 2015 شارك حزب الله في الدفاع عن معاقل النظام السوري في ريف درعها الشرقي وتحديداً              بصرى الشام.

وفي تموز 2018 شارك حزب الله النظام السوري وحلفاؤه في السيطرة على كامل الجنوب السوري بعد توقيع اتفاق التسوية مع المعارضة السورية، ومن مطلع عام 2019 دعم حزب الله سياسات إيران في إعادة توقيع اتفاقيات التسوية من جديد في الجنوب السوري ضمن شروط جديدة تضمن للنظام السوري المزيد من السيطرة الأمنية والعسكرية والإدارية.

ويشكل الجنوب السوري عمقا أمنياً لحزب الله في امتداد لسياسات إيران الساعية لحماية العاصمة، وتحويله لمنطقة عمليات متقدمة لها ضد إسرائيل عبر دعم عمليات التصنيع والتطوير والتخزين والتدريب عدا عن كونه يشكل بيئة ملائمة لتجارة وزراعة المواد المخدرة.

الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
ازرع الريف الشمالي ثكنه مشترك مع إيران
قيادة الفرقة التاسعة في الصنمين الريف الشمالي مقر قيادة مشترك مع إيران
الضاحية درعا المدينة ثكنه مشترك مع إيران
معبر نصيب الريف الجنوبي الشرقي مقر عسكري مستقل
تل الجابية الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
قاعدة المطار الزراعي قرفا الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
مدخل اللواء 12 الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
المركز الثقافي ازرع الريف الشمالي مقر قيادة مشترك مع إيران
الصالة الرياضية ازرع الريف الشمالي مقر قيادة مشترك مع إيران
ازرع الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
كازية رستم غزاله البشائر الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
معصرة زيتون أورانتوس رستم غزالة الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
جامعة قاسيون الريف الشمالي مقر قيادة مشترك مع إيران
المطار الزراعي الريف الشمالي مركز تجميع مشترك مع إيران
مقام الصحابي حذيفة بن اليمان الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
تل الصغير الريف الشمالي مقر عسكري مشترك مع قوات الأسد
تل المقداد الريف الشمالي مقر عسكري مشترك مع قوات الأسد
جباب تل الفرفارة الريف الشمالي مقر للحزب مشترك مع قوات الأسد
جامعة اليرموك الريف الشمالي مقر قيادة مشترك مع إيران
اللجاة الريف الشمالي مقر للحزب مشترك مع إيران
ايب الريف الشمالي مقر للحزب مشترك مع إيران
  • في القنيطرة: يوجد حزب الله في القنيطرة ضمن 7 مواقع ، بوجود شبه مستقل ومشترك أحيانا مع الميليشيات التابعة لإيران، ومنذ اندلاع النزاع المسلح في سوريا أواخر عام 2011 ، سارع حزب الله لنشر قوات خاصة في القنيطرة قرب الجولان المحتل، مثل تل الأحمر ولم يتوانَ في عام 2015 عن الدفاع عن المنطقة في مواجهة فصائل المعارضة التي استطاعت حينها السيطرة على أجزاء منها ، وبفضل قيادة حزب الله للعمليات في القنيطرة أخفقت المعارضة مرارا في أعوام 2016 و2017 2018 في السيطرة على كامل الريف الشمالي وفك الصار عن بيت جن، وتنبع أهمية وجود حزب الله في القنيطرة من كونها مركز عمليات متقدم ضد إسرائيل يمكن من خلالها دراسة واستطلاع خطوط التماس على نحو مستمر لمعرفة مستوى التسليح والمراقبة ولاستعداد وغيرها ، وهذا ما يفسر مقتل العديد من قيادات الحزب في القنيطرة .

كما يدعم حزب الله سياسات إيران في المحافظة بتأمين العاصمة، وتعزيز الوجود جنوب سوريا بما يساعد على توسيع الأنشطة في المنطقة الرمادية لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية.

الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
تل فرع اللواء 90 الريف الشمالي الشرقي مقر عسكري مستقل
تل كروم اللواء 90 الريف الشمالي الشرقي مقر عسكري مستقل
بيت جن – تل أحمر الريف الشمالي مقر عسكري مستقل
تل أحمر الغربي الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
تل أحمر الشرقي الريف الجنوبي مقر عسكري مستقل
اللواء 90 – كتيبة الدفاع الجوي الريف الشرقي مقر قيادة مشترك مع إيران
  • في السويداء: يوجد حزب الله في السويداء ضمن 3 مواقع بوجود مشترك مع الميليشيات التابعة لإيران ويقتصر وجود حزب الله في السويداء على مناطق الشريط الحدودي مع الأردن لدعم سياسات إيران في تأمين وتسهيل عمليات التهريب عبر الحدود.

وغياب الوجود العسكري الواسع لحزب الله في السويداء مقترن بغياب السيطرة الأمنية الكاملة على المحافظة التي تخضع لحكم شبه مستقل لأبناء المنطقة من الطائفة الدرزية والذين يمتلكون مجموعات مسلحة تعمل على توفير الحماية للمنطقة ضد سياسات النظام السوري وإيران وحزب الله

الاسم الموقع النوع طبيعة الانتشار
معسكر طلائع رساس الريف الجنوبي مخافر حدودية مع الأردن لتسهيل عمليات التهريب مشترك مع إيران
الهوية الريف الجنوبي الشرقي مخافر حدودية مع الأردن لتسهيل عمليات التهريب مشترك مع إيران
سد الزلف الريف الجنوبي الشرقي مخافر حدودية مع الأردن لتسهيل عمليات التهريب مشترك مع إيران
  • في دير الزور: يوجد حزب الله في دير الزور ضمن 7 مواقع بوجود مشترك وشبه مستقل مع الميليشيات التابعة لإيران ومنذ عام 2017 دعم حزب الله مساعي النظام السوري وحلفاؤه للوصول والسيطرة على محافظات شرق سوريا بما فيها دير الزور وبموجبه تمت استعادة السيطرة على الميادين في تشرين الأول والبوكمال وعلى أجزاء من أحياء مدينة دير الزور في تشرين الثاني.

وبشكل أساسي يقوم وجود حزب الله في دير الزور على دعم سياسات إيران في المنطقة التي تحاول تأمين طريق الإمداد بين دمشق وبغداد وتطويق ثكنة التنف العسكرية، وقاعدة متقدمة في حوض الفرات والتي يمكن أن تساعد على شن أي هجوم محتمل على مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شرق النهر.

الاسم   النوع طبيعة الانتشار
البوكمال – السياسية – مزارع الكتف ثكنه مشترك مع إيران
حي الضاحية ثكنه مشترك مع إيران
حطلة – جسر السياسية ثكنه مشترك مع إيران
البوكمال – مفرزة الجوية موقع عسكري مستقل
محطة ضخ النفط T2 موقع عسكري مستقل
الميادين موقع عسكري مستقل
الميادين – قلعة الرحبة من الناحية الغربية موقع عسكري كتيبة مدفعية مشترك مع إيران

ماذا حقق حزب الله من تدخله في سوريا

ساعد وجود الحزب عسكرياً في سورية على منع سقوط النظام، وإن لم يكن من الممكن معرفة نسبة هذه المساهمة، لكنه فشل بطبيعة الحال في مساعدة النظام على توسيع سيطرته على الأرض، فعندما بدأ تدخل الحزب بشكل موسع في نهاية عام 2012 كان النظام يُسيطر على أقل من ثلث مساحة الأرض، ولكنه أصبح يُسيطر في نهاية عام 2016 على مساحة أقل من تلك التي كان يُسيطر عليها في 2012 ، ومع منتصف عام 2017 سيطر التحالف المؤيد للأسد بشكل شبه كامل على ريف دمشق الغربي حتى الحدود اللبنانية، بما أمّن خطوط إمداد الحزب، وهو ما يمكن للحزب تسويقه باعتباره نجاحاً مباشراً له، رغم أنه لم يكن يُقاتل هناك منفرداً، كما وفّرت مشاركة الحزب في الحرب السورية، وخبرته بالأرض وإتقانه للغة المحلية (على خلاف المقاتلين الأجانب الآخرين، بمن فيهم القادمين من العراق) مكاسب سياسية غير محسوبة للحزب، حيث تمكّن من توفير قواعد ثابتة في مناطق سيطرة النظام، وتحوّل من مهمّة تقديم الخدمات القتالية إلى إدارة عمليات الميليشيات الأجنبية وحتى الإشراف على عمل جيش النظام نفسه، وأمّنت الحرب فرصة غير مسبوقة لتدريب مقاتلي الحزب، حيث شارك مقاتلو الحزب في عدد كبير من المعارك مختلفة الطبيعة الجغرافية والعسكرية، كما شاركوا في إدارة العمليات الأمنية والمعلوماتية والإعلامية في سورية وخارجها، وقاموا بتقديم التدريب والاستشارة للميليشيات الأجنبية الأخرى وحتى للجيش السوري نفسه، وشاركوا في معارك جنباً إلى جنب مع القوات الإيرانية والروسية بما منحهم خبرة عسكرية على مستوى دولي، وهي جميعاً خبرات لم تتوفر حتى لبقية الميليشيات الأجنبية المشاركة في الحرب السورية، ولم يكن للحزب أن يتحصّل عليها بطبيعة الحال في لبنان، ولبنانياً عمّق الحزب من هيمنته على أجهزة الدولة اللبنانية خلال السنوات الأخيرة بفعل الشغور الرئاسي والركود السياسي، مستغلاً الحرب في سورية لاستهداف المكوّن السنّي في الشمال على وجه الخصوص، حيث استخدم الحزب وجود جبهة النصرة وتنظيم داعش في جرود عرسال والقلمون، وقيامهما باختطاف جنود ومدنيين لبنانيين، من أجل بناء رأي عامٍ مؤيّد لموقفه السياسي تجاه نظام الأسد، وهو ما نجح فيه إلى حد ما، وخاصة في الأوساط الشيعية والمسيحية.

خسائر حزب الله

ميدانياً: شكّلت الخسائر البشرية أكبر التكاليف المترتبة على الحزب، وتشير بعض التقديرات الدولية إلى أن عدد قتلى الحزب بلغ تقريبا 1500 قتيل، في حين بلغ عدد الجرحى حوالي 3000 جريح، وهي أرقام تُمثل ما تمكن المراقبون من خارج الحزب التحقق منه، فيما قد تكون الخسائر الحقيقية أكبر من ذلك بكثير، ومن بين قتلى الحزب عشرات القادة العسكريين والأمنيين، خاصة المطلوبين منهم للإنتربول الدولي، وعلى رأسهم مصطفى بدر الدين وجهاد مغنية وفادي الجزار وحسن علي جفال، وسمير القنطار.

وأدّت الخسائر البشرية الكبيرة، مقارنة مع حجم الحاضنة الشعبية المحدود بشكل كبير، إلى انخفاض شعبية المشاركة في الحرب السورية بين صفوف هذه الحاضنة، وانعكس ذلك في تخفيض الحزب للاستعراضات العسكرية التي كانت ترافق جنائز قتلاه في عامي 2014 و2015، وقد ترك هذا العدد الكبير من القتلى، أثراً عميقاً في صفوف أبناء الحزب، بما استدعى حملة ضخمة من جهازه الإعلامي لبثّ الروح المعنوية في صفوف الجمهور، واستخدام مفرط للرسائل الدينية التي تُشجّعهم على التضحية، بالتوازي مع تعويضات مادية وخدماتية لذوي القتلى. 

استراتيجياً: خسر الحزب الكثير من شعبيته في الدول العربية، وهي الشعبية التي وصلت إلى أوجها في عام 2006، بدعم من عدّة دول عربية، ومن كل الحركات الإسلامية في المنطقة، ولم يتمكن الحزب خلال كل السنوات السابقة من إنجاز أي عمل عسكري ضد إسرائيل، ولو بشكل محدود، بما قد يساعده على استعادة بعض الشعبية.

يضاف إلى ما سبق، فإنّ الحزب صُنّف كمنظمة إرهابية من قبل جامعة الدول العربية، وقبلها من قبل مجلس التعاون الخليجي، وشدّدت وزارة الخزانة الأمريكية من عقوباتها تجاهه. ورغم رمزية هذه التصنيفات عموماً، إلا أنّها تشكّل عائقاً أمام الدول الداعمة على وجه الخصوص لتسويق الحزب أو توفير الرعاية له.

سيناريوهات وجود حزب الله في سوريا

ظهرت في الآونة الأخيرة إرهاصات عديدة لإنسحاب حزب الله اللبناني من سورية، وبعضها يتعلق بمصلحة حزب الله نفسه، وبعضها الآخر يتعلق بالمناخ الدولي، لا سيما موقف الإدارة الأمريكية وحتى مصالح روسيا. كما بدأ حزب الله بإرسال إشارات نحو لغة تصالحية مع من يصفهم “بالجماعات الإرهابية التكفيرية”، وحتى وصل الأمر بالأمين العام للحزب في خطابه يوم 11/5/2017 إلى مخاطبة مقاتلي فتح الشام (النصرة) بلغة تصالحية، ووجه لهم قوله: “يا شباب لا أفق لمعركتكم… فلذلك دعونا نحل هذا المشكل، … ونحن جاهزون، نحن حزب الله، لأن الحكومة اللبنانية ليست جاهزة بعد لتتكلم مع النظام في سوريا، نحن جاهزون أن نضمن تسوية، مثل كل التسويات التي تحصل، ويمكن التفاوض على الأماكن التي يذهب إليها المسلحون بأسلحتهم الفردية وعائلاتهم كما جرى في أماكن أخرى من تسويات، فلنقفل هذا الملف، كما بدأ الأمين العام للحزب، والذي يتولّى بشكل شبه كامل مسؤولية تقديم الرسائل السياسية والإعلامية المعبّرة عن وجهة نظر الحزب، بالحديث عن انتهاء المهام الأمنية والعسكرية التي ذهب الحزب من أجلها إلى سورية، ففي خطابه يوم 2/5/2017 قال نصر الله: “أستطيع أن أقول إن الحدود اللبنانية خصوصاً الحدود الشرقية خرجت من دائرة التهديد العسكري بمعنى لم يعد هناك بلدات ولا قواعد وجبال ولا تلال ولا مواقع في يد الجماعات المسلحة يمكن أن تنطلق منها لتهدد عسكرياً أي بلدة أو منطقة حدودية على امتداد الحدود باحتلال قرية أو باحتلال بلدة أو بالدخول إلى المدينة أو ما شاكل. حتى التهديد الأمني أستطيع أن أقول إنه تراجع بدرجة عالية جداً وكبيرة جداً، لكن الإشارة الأولى من قبل الحزب لبدء إنسحابه من سورية جاءت في خطاب الأمين العام يوم 11/5/2017، والذي أعلن فيه عن تفكيك مواقع الحزب العسكرية على الحدود السورية اللبنانية “لأنه لم يعد هناك أي داعٍ لوجودنا هناك.

وعلى المستوى الدولي، ظهر جلياً أن مقارعة وتحجيم النفوذ الإيراني وحزب الله يشكّل أولوية مطلقة للإدارة الأمريكية، فقد حضت إيران وميليشياتها على الخروج من سورية على وجه التحديد، وشددت العقوبات على قادة الحزب وموارده المالية، ومن المتوقع أن تتحدد جميع المواقف الحالية والمستقبلية في سورية على ضوء هذه الأولوية، كما يُعتقد بعد قرابة عامين على التدخل الروسي أن موسكو تسعى لتقليص النفوذ الإيراني لحسابها هي، وهذا ما حدث في أحياء حلب الشرقية التي أجبر القصف الروسي فصائل المعارضة فيها على عقد صفقة للخروج منها، إلا أن المليشيات الإيرانية وكذا السورية لم تتمكن من دخولها، وبدلاً من ذلك، جابت دوريات للشرطية الروسية هذه الأحياء في محاولة لقطف ثمرة التدخل.

وفي أحدث مؤشر على هذه السياسة، نشرت وكالة سبوتنيك الرسمية الروسية عن رئيس الوفد الروسي لمفاوضات أستانا، ألكسندر لافرينتييف قوله بعد توقيع اتفاقية وقف التصعيد أنه “في حال تم النجاح في تحقيق تهدئة مستقرة في مناطق تخفيف التوتر بما في ذلك في الغوطة يمكن التحدث حول إنسحاب الفصائل التابعة لإيران”. وهو مطلب يعلم بوتين تماماً أنه أمريكي بالدرجة الأولى، ويمكن أن يُغري ترامب على الانخراط في الاتفاق بدلاً من معارضته وفرض مناطق آمنة وفق خطة أخرى تقوم الخارجية الأمريكية والبنتاغون بإعدادها.

خاتمة

من المتوقع أن يؤدي انكفاء حزب الله عن دوره في سورية إلى آثار مزدوجة على وضعه في الداخل اللبناني.

فمن ناحية، سيكون هذا الإنسحاب المتوقع ضربة رمزية لهيبته أمام شركائه وخصومه اللبنانيين على حد سواء، وسيفتح الباب ربما أمام مساءلته ولو سياسياً سواء من قبل الرأي العام أو من قبل خصومه، على اعتبار أن إنسحابه يعني اعترافاً غير مباشر بعبثية التدخل في سورية، خاصة وأنه سيأتي دون تحقق أهداف الحزب المعلنة!

كما أن الإنسحاب سيؤدي إلى عودة الحزب إلى واجهة الصراعات البينية وتفاقم هذه الصراعات، ما يعني أنه سيضطر للدخول في جبهة جديدة سياسية وإعلامية هذه المرة، قد لا تقل حدّة عن الجبهة السورية الميدانية. كما ستساهم عودته “مكسوراً” من سورية في تأجيج الصراع بينه وبين حركة أمل، والتي تُنازعه على زعامة الطائفة الشيعية، واختارت المحافظة على دور أقرب للحياد فيما يتعلق بالأزمة السورية، ولكن كوادرها محلياً لا يخفون شماتتهم كثيراً بالحزب وخسائره.

ومن ناحية أخرى سيستعيد حزب الله بإنسحابه من سورية بعض توازنه الداخلي الذي فقده نتيجة الانخراط في الحرب السورية بطريقة لم تكن موضع إجماع داخل الحزب، بالإضافة إلى قتل عدد كبير جداً من عناصره وأسر عدد آخر، الأمر الذي أغضب فئة من ذويهم على قيادة الحزب. كما أن انفصاله الفعلي عن الحرب السورية قد يمكنه من افتعال حرب مع إسرائيل يرمم بها شعبيته المنهارة ويُعيد بها جمع حاضنته الغاضبة.

لكن عودة الحزب من المعركة في سورية وبقائه دون معركة مع إسرائيل لفترة طويلة ستُلحق خسائر سياسية كبيرة بالحزب، والذي يبرّر توقفه عن استهداف إسرائيل بانشغاله بحرب من يسميهم “عملائها” في سورية لكن الحرب مع إسرائيل، كما المشاركة في الحرب في سورية، ليست قراراً داخلياً للحزب، وبالتالي فإنّها ترتبط بملفات أخرى أهمّها مسار الاتفاق النووي الإيراني، والدور الذي يمكن لإيران أن تتحصل عليه في سورية في ضوء التفاعلات الدولية والإقليمية، وهي جميعاً معطيات لا يمكن التنبؤ بها في الوقت الراهن.

وإقليمياً، سيُؤشّر انسحاب الحزب (مهما كانت الأسباب الحقيقية أو المعلنة لذلك) على انتصار للمحور المعارض لوجود الحزب في سورية، وسيُظهر أن إيران لم تتمكن من حماية هذا الوجود، خاصة وأنه يأتي دون أن يتمكن الأسد من استعادة السيطرة على كل سورية.