مقدمة:

كان نظام حزب البعث بقيادة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد أول من اعترف بثورة آية الله روح الله الخميني الإسلامية في إيران ومنحها الشرعية ضمن إستراتيجية ايرانية مدروسة للسيطرة على سورية، وقد بدأت تلك الإستراتيجية تظهر بُعيد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، من خلال تبنيها “جمعية المرتضى” التي ترأسها جميل الأسد (شقيق حافظ الأسد) إلا أن الأسد الأب وأد الفكرة في مهدها، لحرصه على ألا يشاركه أحد في الحكم، وإنْ كان مؤيدًا له وداعمًا لسياساته، ولهذا اكتفى الإيرانيون باستخدام القوة الناعمة للتغلغل في المجتمع السوري لتشويه هويته الوطنية، على عكس ما حصل في لبنان من خلال حزب الله.

عند تسلّم بشار الأسد السلطة بدأت تظهر النشاطات الإيرانية على العلن، نتيجة ضعف شخصية الأسد الابن وعدم سيطرته الكاملة على مفاصل الدولة، وكان ذلك من خلال نشر التشيّع وبناء الحُسينيات والحوزات العلمية، وإقامة مسيرات مراسم العزاء، وافتتاح المدارس والمعاهد الدينية التي تتبنى المذهب الشيعي في مناهجها، ونشر اللغة الفارسية وإرسال البعثات الطلابية إلى إيران، ولعل أخطر ما قامت به إيران شراء كثير من العقارات في وسط دمشق العاصمة، وقد ركّزت على مناطق بعينها (مثل محيط الجامع الأموي والسيدة رقية ومنطقة السيدة زينب) ولم يظهر لإيران أي نشاط عسكري أو أمني في تلك الفترة، إلا على نطاق محدود جدًا، حتى اندلاع الثورة السورية، ونستعرض في هذا التقرير أبرز الممارسات والانتهاكات الشيعية.

البدايات والتدخل:

شكّلت الثورة السورية في عام 2011 تهديداً حقيقاً لكسر جزء أساسي من الهلال الشيعي الذي استغرق بناؤه حوالي 3 عقود من العمل، ومئات الملايين من الدولارات، لكن طهران استطاعت بشكل جزئي بعد تجاوز فترة الصدمة من تحويل التهديد إلى فرصة، وقد أدّى الانهيار الكبير الذي عاشه نظام الأسد من نهاية عام 2011 إلى منح الإيرانيين فرصة لإعادة تشكيل العلاقة مع النظام من “علاقة بين أنداد” بعد أن كان يمثّل دولة مقابل دولة،  إلى “علاقة بين تابع ومتبوع”، وانتقلت ايران إلى أشكال أكثر وضوحاً في الحضور والتدخل، بما يعني عوائد أكثر جدوى، واختصاراً لعقود ربما من العمل البطيء المتدرج، كما سمحت العلاقة الجديدة بين الطرفين بتحول المساهمة الإيرانية في دعم النظام ضد معارضيه إلى مشروع إيراني ذاتي، أمكنَ فيه لطهران أن تُنفق وتعطي بسخاء، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً، دون أن تنتظر من الطرف الآخر مقابلاً، بعد أن تحوّل هو إلى منتظر للدور الذي يُمكن أن يُمنح له، أو المساحة التي يمكنه التحرّك فيها، فعمل الإيرانيون بداية على رفد الأسد بمنظومة أمنية، قادها كبار ضباط قوات فرض القانون في إيران، وساعدت الأسد في الصمود أمام الموجة الأولى من الاحتجاجات الشعبية، لكن التطور غير المتوقع لأحداث الثورة السورية، وسيطرة الجيش الحر على كثير من المناطق، والتهديد المباشر لمؤسسات السلطة خاصة في دمشق، دفع إيران إلى التدخل عبر الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني، وخلال هذه الفترة استقدمت إيران، إضافة إلى الحرس الثوري الإيراني كثيرًا من الميليشيات الشيعية التابعة لها في العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وبعض الدول التي تمتلك فيها نفوذًا، ووصل عدد هذه الميليشيات إلى نحو خمسين مجموعة، إلى جانب وكيلها اللبناني حزب الله، ومع مرور الوقت، جندت إيران مقاتلين سوريين محليين في الميليشيات ظاهريًا لحراسة الأضرحة الشيعية، وعززت علاقاتها مع المراتب العليا للجهاز العسكري السوري، لا سيما الفرقة الرابعة برئاسة ماهر الأسد أحد أبناء حافظ الأسد الآخرين.

بدأ حضور الميليشيات الشيعية لدعم النظام في سوريا في عام 2012، تحت شعار ” نصرة المذهب، وحماية المراقد المقدسة، وتحرير القدس، والمقاومة، والممانعة” مقابل مبالغ مالية، فضلا عن محفزات أخرى مثل: منح الجنسية السورية، وكان حزب الله اللبناني من أول الميليشيات التي تدخلت وشاركت في دعم نظام الأسد، بالتنسيق مع إيران، قبل أن يتوالى حضور قوات الحرس الثوري الإيراني، والعشرات من الميليشيات العراقية والأفغانية، والباكستانية، واليمنية التي دربتها إيران.

عملت إيران على تقديم المعدّات والذخائر التي يحتاجها جيش النظام وميليشياته في المرحلة الأولى، ولاحقاً للميليشيات التي أحضرتها، كما أشرفت على إنشاء ميليشيات الدفاع الوطني وإدارة هذه الميليشيات، ولاحقاً على إدماج هذه الميليشيات في مؤسسة الجيش، ولم تكن طلائع الميليشيات الإيرانية التي دخلت سورية مستحدثة أو مشكّلة على عجل، بل كانت قوات تملك خبرات قتالية تكتيكية كبيرة، من خلال تجاربها في العراق ولبنان وأفغانستان، وبهذا دخلت هذه الميليشيات أرض المعركة فور وصولها، بينما خضع المقاتلون الجُدد لدورات تدريبية داخل سورية، تحت إشراف ضباط الحرس الثوري وضباط من جيش الأسد، وتم الاستفادة من هذه الخبرات لتحقيق إستراتيجية إيران في السيطرة على سورية.

دخلت الميليشيات الإيرانية ساحات القتال على مختلف الجبهات المشتعلة في سورية، تارةً إلى جانب قوات الأسد على الجبهات الشمالية والوسطى والجنوبية والشرقية، وتارة أخرى بشكل مستقل وانتشرت هذه الميليشيا في العديد من المناطق الثائرة، وامتد انتشارها إلى الجنوب السوري في دمشق ومحيطها وريف حلب الجنوبي وريف حماة الشرقي وشماله وجنوب إدلب وحمص وريفها ودرعا ودير الزور والبوكمال والميادين، وتُدار هذه الميليشيات جميعها من قبل غرفة عمليات مركزية واحدة مكونة من ضباط إيرانيين وضباط منتدبين من هيئة الأركان السورية وأجهزة الأمن السورية.

تمت عملية دخول عناصر هذه الميليشيات بإشراف مباشر من قِبل الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الأسد عبر المطارات والمنافذ الحدودية البرية مع لبنان والعراق والأردن، وعلى شكل أفراد أو مجموعات، وأحيانًا تحت غطاء حُجاج أو زوار للمزارات والمقامات الشيعية، أو عقود عمل مزيفة تسهل خروجهم من البلدان التي قدموا منها، كما تم إدخال قسم منهم بجوازات سفر سورية صادرة عن إدارة الهجرة والجوازات في دمشق، وما زالت إيران تقيم جسرًا جويًا لنقل هؤلاء المرتزقة إلى سورية، بالرغم من الانحسار الكبير للعمليات العسكرية في سورية، واستعادة الأسد سيطرته على كثير من مناطق البلاد.

دوافع التدخل الشيعي:

·       عاشت إيران عزلة سياسية في المنطقة العربية والمحيط الإقليمي، ولا سيما في حرب الخليج الأولى، وكانت سورية الحليف الوحيد لإيران في العالم العربي، وقد منحت العلاقة المميزة التي بناها حافظ الأسد مع نظام الخميني فرصة لإيران للانتقال شرقاً نحو البحر المتوسط وتوسيع النفوذ في لبنان، المسيطر عليه عسكرياً آنذاك من قبل الأسد، وقد منح هذا الحضورُ السياسي في سورية ولبنان والذي تحوّل إلى حضور اقتصادي وعسكري المشروعَ الإيراني للتوسع، وفتح الطريق بين طهران وبيروت، حيث تُمثل الجغرافيا السورية “حلقة وصل” بين العراق ولبنان في مشروع إيران الاستراتيجي “الهلال الشيعي” الذي يعني النفوذ السياسي والاقتصادي والأمني على أهم المنافذ البحرية والبقع الجغرافية في المنطقة وممراً اقتصادياً حيوياً استراتيجياً نحو السوق العالمية، من أجل حفظ أمنها القومي عبر المناورة في حدود الدول الأخرى، وفي سبيل نقل غازها الطبيعي إلى أوروبا.

·       الحدود السورية مع إسرائيل والتي تشكل ورقة ضغط دولية تمكنها من تحقيق بعض المكاسب، كما تمتلك سورية حدوداً مع لبنان ونفوذاً كبيراً فيه، وتحتضن “حزب الله” الذي يُعدّ يد إيران الضاربة والمتوغلة داخل الدولة اللبنانية “كقوة بالوكالة“…

·       تعزيز مشروعها التوسعي (الهلال الشيعي) من خلال أعمال التغيير الديموغرافي والمذهبي، فعمدت إلى تغيير التركيبة السكانية للمدن الرئيسية الواقعة في قلب هذا الهلال، بالقوة عندما أمكنها ذلك، كما في بغداد بعد عام 2003، وبيروت ودمشق الآن، عبر شراء العقارات وبنشاطات نشر التشيع وشراء الولاء، واستثمرت إيران قوة حزب الله العسكرية من جهة، والامتداد الشعبي الذي حققه في المنطقة العربية بعد حرب عام 2006 إلى شكل جديد من السيطرة السياسية، وحتى العسكرية كما حصل في بيروت في عام 2008، وهو ما حوّل لبنان إلى منطقة نفوذ إيراني بالكامل، وأخرجه تدريجياً حتى من سيطرة نظام الأسد.

·       احتواء سورية الكثير من الأضرحة المقدسة بالنسبة لإيران شكّل دافعا وانعكاساً جيداً لخدمة مصالحها التأثيرية الناعمة، فمن خلال هذا التحرك نحو سورية، أثبتت أنها الدولة “المخلصة” للأفراد الذين تجمعهم معها روابط دينية، وهذا ما يصب إيجاباً في إثبات مرتكز نظامها المتمدد داخل العالم الإسلامي تحت اسم “ولاية الفقيه“.

·       تشكّل المعركة في سورية بالنسبة لإيران معركة وجودية، على خلاف المعارك السياسية أو العسكرية الأخرى، كما في البحرين واليمن، حيث كانت سورية أول أرض خارج إيران تُفتح أمام المشروع الإيراني بعد ثورة الخميني في عام 1979، وبالتالي فإنّ المشروع فيها متجذّر وعميق، مقارنة حتى مع المشروع المجاور في العراق، والذي بدأ بعد عام 2003.

·       امتازت سورية بالنسبة لإيران في كل هذه الفترة بثبات النظام السياسي، وبالتالي فإنّ العلاقة منذ عام 1979 وحتى الآن، وهي كامل عمر المشروع الإيراني، كانت مع نظام واحد، وحتى مع نفس الاشخاص والأجهزة، وهو ما منح سورية ميزة إضافية لا تمتلكها طهران في بقية المناطق التي تتمتّع فيها بنفوذ مماثل أو علاقة مع مجموعات غير مستقرة ومتنازعة، كما في العراق مثلاً، لكن هذه الأهمية الاستثنائية لسورية بالنسبة لإيران لا يمكن أن تكون وحدها سبباً كافياً لتبرير الثمن الذي دفعته إيران حتى الآن، وإن كان سبباً رئيسياً وربما وحيداً في الموقف المباشر الذي تم اتخاذه في عام 2011 للوقوف إلى جانب نظام الأسد.

الممارسات:

وسّعت إيران نفوذها الثقافي في الدولة التي مزقتها الحرب وعملت على تشجيع أهل السنة على التحول إلى الشيعة أو على الأقل لتليين مواقفهم تجاه منافسيهم الطائفيين (الشيعة)، كما أن الانهيار الاقتصادي في سوريا جعل من الصعب تجاهل الامتيازات التي قدمتها إيران، حيث تقوم إيران بتوزيع الأموال على السوريين المحتاجين، كما أنها تقوم بدور كبير من التلقين في المعاهد الدينية، ومنح دراسية للأطفال للدراسة في الجامعات الإيرانية، ورعاية صحية مجانية، وسلال غذائية، ورحلات إلى المواقع السياحية لتشجيع التحول إلى التشيع، كما أعادت ترميم الأضرحة القديمة وشيدت أضرحة جديدة لشخصيات شيعية أخرى، كما لو كانت تحاول إعادة كتابة التاريخ الديني لسوريا ذات الأغلبية السنية والتي كان عدد سكانها الشيعة قبل الحرب ضئيلاً للغاية.

ربما تكون محافظة دير الزور هي المنطقة الرئيسية الأكثر نصيبا من هذه العمليات والتي شهدت تمدداً إيرانياً وشيعياً واضحاً ، إذ شهدت مدينة البوكمال، التي تقع على نقطة العبور الرئيسية للمحافظة مع العراق، الكثير من الأنشطة الإيرانية التي تبدو غير ضارة ولكنها متلاعبة، حيث أعادت إيران ترميم حديقة القراميش في البوكمال، التي دمرها تنظيم داعش، وأطلق عليها اسم “حديقة الأصدقاء”، بالإضافة لتنظيم أنشطة ترفيهية بشكل أسبوعي في الحديقة لاطلاع الناس، وخاصة الأطفال، على الأئمة الشيعة والإعلان عن إيران كقوة صالحة تتحدى إسرائيل والإمبريالية، وحولت النادي الرياضي في المدينة إلى مطبخ ومطعم للمليشيات الإيرانية، وملعب كرة القدم بأكمله أصبح قاعدة إيرانية، وسيطرت على عديد من منازل المدنيين وتحويل كلية التربية ومعهد الحاسوب في المدينة إلى ثكنات عسكرية، كما فرضت إثر ذلك رفع الأذان على المذهب الشيعي، وهددت باعتقال الأئمة والمؤذنين والمدنيين الذين يعارضون القرار، كما جددت المليشيات الإيرانية التي تتمركز في المدينة، في وقت سابق مقابر قديمة وأضرحة وحسينيات، ورفعت عليها رايات مذهبية، وغيرت مختلف مساجد المدينة التي تحمل أسماء الخلفاء أبو بكر وعثمان وعلي، انطلاقاً من عقيدتها الشيعية، كما يؤكد ناشطون من دير الزور

كما دعت إيران مؤخرًا أهالي الميادين إلى مركز نور الإيراني الثقافي لحضور دورة حول مبادئ المذهب الشيعي، وفي نهاية الدورة يحصل كل من ينجح على مبلغ مالي 100 ألف ليرة سورية وسلة طعام، وفي السياق نفسه، فتحت إيران عددًا من المدارس الدينية والأضرحة والجمعيات الخيرية في سوريا، وفي حين أنها واجهت مقاومة أقل في دمشق وحلب، كان عليها التوسع شرقا لإغراء زعماء القبائل المحليين، الذين غالبًا ما يهتمون أكثر ببقائهم على قيد الحياة ووضمان زعامتهم. كما وجد الإيرانيون أنه من الأسهل التلاعب بالسوريين الأكثر تضررًا من الحرب وبالتالي التوسع في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش سابقاً وعانت الكثير منهم، بالإضافة لاستغلال بعض ردّات الفعل من التشدد الديني الذي فرض عليهم ممن لا يتمتع بإيمان وعقيدة قوية وصحيحة، واشترت إيران عقارات في دير الزور وفي المناطق التي يسيطر عليها الأكراد من خلال السكان المحليين، ونسجوا شبكة عنكبوتية في سوريا ولديهم أفراد في كل مكان، في الجيش والحكومة، وحتى بين رجال الأعمال السنة والمسيحيين، كل ذلك في محاولة إيرانية لتقديم نفسها كقوة خيّرة لكسب دعم طويل الأمد بين السوريين السنة، بهدف نهائي هو الاحتفاظ بمجال نفوذها وممارسة السيطرة من خلال الوكلاء، مثل لبنان والعراق.

حصلت الميليشيات الإيرانية على مساعدة نشطة من قبل النظام السوري بموجب المرسوم رقم 10السيئ السمعة لشراء منازل السوريين الذين هاجروا إلى أماكن أخرى خلال الحرب، وبحسب ما ورد صادر بعض أعضاء الميليشيات ممتلكات وجلبوا عائلاتهم من العراق ولبنان للاستقرار داخل سوريا، ويهدف هذا الاختراق الديموغرافي والثقافي إلى زيادة أعداد الشيعة في سوريا لتمكين إيران من المطالبة بالسلطة السياسية نيابة عنهم، إذا كان هناك عدد كبير من الشيعة في البلاد، فيمكن لإيران أن تدعي تمثيل مصالحها عند مناقشة حل سياسي نهائي للأزمة السورية، ويمكنها أن تطلب منحهم مناصب في الحكومة والقوات المسلحة ومؤسسات أخرى، كما ويخشى الكثيرون من أن إيران تريد ممارسة نفوذها من خلال مؤيدين داخل النظام وليس فقط من خلال رئيس مدين بالفضل قد يتراجع دعمه اعتمادًا على الصفقات التي يعقدها مع روسيا والإمارات العربية المتحدة، التي تحاول إعادته إلى الحظيرة العربية، على عكس لبنان والعراق، فإن سوريا ذات أغلبية سنية، وهذا يجعلها مهمة شاقة للنظام الإيراني. لكن على الرغم من التحديات، يبدو أن إيران لا يردعها رادع.

ولم تتوقف إيران عند ذلك الحدّ، بل اخترقت المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها، محاولة استدراج الشباب واليافعين والعمل على كسب ولائهم، وللترويج للمشروع الإيراني. وافتتحت بذلك أكثر من 40 مدرسة شيعية خاصة ومراكز ثقافية تعلّم اللغة الفارسية، تتركز أساساً في العاصمة السورية دمشق، وأنشأت كذلك عشرات المدارس الشرعية المرخصة في مدن متفرقة تقع تحت سيطرة النظام، خصوصاً بمدينة طرطوس واللاذقية، وعيّنت منحاً ومكافآت مالية للطلاب، مستغلة تردِّي الأوضاع الاقتصادية السورية، للضغط على الأهالي واستدراجهم لقَبول إرسالهم إلى هذه المدارس، وبالتالي تنجح في ترويج ثقافتها ومذهبها العقدي. كما افتتحت عديداً من الجامعات والكليات الإيرانية لاستقطاب الشباب، وعلى الصعيد ذاته، يعتبر خبراء ومحللون أن قرار الرئيس السوري بشار الأسد أيضاً إلغاء منصب المفتي العامّ مؤخراً، وإحالة مهامِّه إلى المجمع العلمي الفقهي المتعدد الطوائف، ينضوي في نفس إطار التمدد الشيعي، ويُخفي في طياته مخططاً لإعادة رسم المشهد الديني في سوريا وضرب الهوية السُّنية السورية.

شهود عيان:

1-     أحمد، 24 عامًا، الذي يتحدث مع فوريس بوليسي بشرط عدم الكشف عن هويته، هو واحد من أحدث أعضاء الطائفة الشيعية في سوريا. كان يعيش في الميادين، وهي بلدة على الحدود مع العراق في محافظة دير الزور شرقي سوريا، لكنه فر مع أسرته إلى باب بالقرب من تركيا أثناء النزاع. عاد في 2018 عندما أخبره صديقه أن كل مخاوفه قد تنتهي إذا انضم إلى ميليشيا إيرانية. سني انضم إلى كتائب السيدة زينب التي سميت على اسم حفيدة النبي محمد وابنة الإمام علي، بطريرك الشيعة، وقال أحمد لمجلة فورين بوليسي من بلدة السيدة زينب، وهي بلدة تضم ضريح السيدة زينب على بعد 6 أميال جنوب دمشق: “قال صديقي في الميادين إن بإمكاني العودة والانضمام إلى الإيرانيين ولن يؤذيني أحد أو يتعرض لي”. وتحت سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران بالكامل، يعمل أحمد حارسًا في الضريح ويتقاضى راتبه 100 ألف ليرة سورية (حوالي 200 دولار) شهريًا، لكنه يحتاج إلى مزيد من النقود لدفع تكاليف غسيل الكلى لوالده مرتين في الشهر. في فبراير، عرض زعيم الميليشيا التابعة له مضاعفة راتبه إذا اعتنق المذهب الشيعي بنفسه. وافق أحمد على الفور. وقال لمجلة فورين بوليسي: “عقدنا مؤخرًا اجتماعًا مع زعيم ميليشياتنا الذي قال إنه سيتم ترقيتنا والحصول على أموال إضافية إذا اعتنقنا المذهب الشيعي فاستمعنا لتونا إلى بعض المحاضرات في قريتنا”. “وافقت أنا و20 رجلاً آخر لأننا جميعًا بحاجة إلى المال. إذا كنت شيعياً سيدفع لي 200 ألف ليرة سورية. أنا حقًا بحاجة إلى المال بسبب علاج والدي. أنا لا أهتم بالدين”.

2-     وفي رواية أخرى تيم الأحمد من درعا، وهي مدينة في جنوب غرب سوريا بالقرب من الأردن، قصة مماثلة لصديق انضم لأول مرة إلى ميليشيا مدعومة من إيران ثم تحول لاحقًا إلى المذهب الشيعي. قال: “بدلوا مذهبه ومنحوه شقة. بالإضافة إلى أنه يحصل على خدمات طبية مجانية واسطوانة غاز شهريا رغم الأزمة الاقتصادية في سوريا”. قال تيم الأحمد إن صديقه حصل فجأة على مزايا محرمة على سوريين آخرين، بما في ذلك تصريح أمني من المخابرات السورية للسفر إلى أي مكان في البلاد “دون التعرض للمضايقات”.

 

الاستثمارات:

لم يكن الدعم المالي واللوجستي الذي قدمته طهران إلى النظام السوري إلا جزءا من التكلفة لتحقيق مشروع الربط بين طهران والبحر المتوسط، بالإضافة الى مشاريع أخرى.

ويعد مشروع “خط النفط والطاقة” الممتد من العراق إلى الزبداني فلبنان وصولاً إلى الساحل السوري من أهم مشاريع الحرس الثوري في سوريا، والذي تم تمويله عام 2013 بقيمة 10 مليارات دولار، بالإضافة الى مجموعة الأملاك والفنادق داخل العاصمة السورية وريفها، وكلها استثمارات ضخمة إن كان في الحي التجاري في منطقة “البحصة”، أو في شارع الأمين أو في أحياء الشاغور والحريقة ومنطقة الحميدية، وفنادق (الإيوان وآسيا ودمشق الدولي وفينيسيا والبتراء، وأسهم في فندق سميراميس) كلها ملكا للإيرانيين.

كما تستثمر إيران في الزراعة، من خلال الأراضي المنتشرة في دير الزور وريف دمشق إضافة لمشاريع الطاقة الكهربائية، فعلى سبيل المثال حصلت الشركات الإيرانية على عقود لاستثمار أراضي في دير الزور بالمنتجات الزراعية وزراعة “الحبوب والكاجو”، لسهولة إعادة تصديرها للخارج وتوفير الكميات المطلوبة منها.

استثمارات في تطوير بعض حقول الغاز في منطقة “قارة” داخل سوريا، وتوسعة “حقل تشرين الحراري” بمنطقة “حران العواميد” بريف دمشق، وإعادة استثمار محطة كهرباء بريف اللاذقية، ولديها عدة استثمارات بقطاع تجميع السيارات وبعض المواد الغذائية الأساسية، واستثمارات في معمل الاسمنت بمنطقة عدرا الصناعية.

وأيضا من أبرز الاتفاقيات والصفقات الاقتصادية الصفقة الموقعة عام 2017 بين رئيس وزراء النظام “عماد خيس” و “اسحاق جهانغيري” النائب الأول للرئيس الإيراني، والقاضي بإلزام حكومة النظام إعادة “الدين” المترتب عليها للنظام الإيراني خلال 25 عاماً، قابلة للتمديد إلى 40 عاماً، في مقابل سداد جميع النفقات التي دفعتها إيران في سوريا، وتم الاتفاق على أن يتم التنفيذ عبر ستة عقود رئيسية.

ومن أهم الشركات الإيرانية التي تنفذ المشاريع والاتفاقيات في سوريا، شركة “خاتم الأنبياء” هي المقاول الرئيس للمشاريع الإيرانية في سوريا وهي تحت قيادة عميد الحرس الثوري “عباد الله عبدالله”، ووقعت شركات “خاتم الأنبياء، ونيروغوستر، وإيران للاستثمار الأجنبي، وبرينان” الايرانية عدة عقود مع حكومة النظام ومنها: توقيع عقد مع وزارة الزراعة السورية لاستثمار 5000 هكتار زراعي في الداخل السوري وبإشراف من وزارة الزراعة الإيرانية.

كما تم في العام 2017، توقيع عقد مزرعة ” زاهد” لتربية الأبقار في طرطوس، وتشمل الآلات والمعدات الزراعية ومنظومة الحماية من الحرائق في الغابات، فضلًا عن إنشاء مصنع تغذية للثروة الحيوانية وغرف تجميد، ومذبح ومصنع ومزرعة “زاهد” لتربية الأبقار في طرطوس، كما تم توقيع عقد لبناء محطة للتطعيم، تحت اشراف معهد “رازي” في إيران.

كما سعت الشركات الإيرانية لتوقيع عقود مع نظام الأسد للاستثمار في مناجم الفوسفات بريف تدمر شرقي حمص، وتولت شركتا “خاتم الأنبياء، وقائم” مسؤولية تلك المشاريع برعاية من قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، وكان المخطط الرئيس هو أن يتم تصدير الفوسفات المستخرج مستقبلاً عن طريق ميناء طرطوس.

كما استثمرت إيران في إنشاء الموانئ النفطية على الساحل السوري، حيث عقدت في منتصف كانون الثاني/يناير 2017، اتفاقية مع دمشق، حصلت بموجبها على ترخيص باستثمار نحو خمسة آلاف هكتار لإنشاء ميناء نفطي، وحق تحديث إحدى الموانئ وتشغيلها، والاستثمار في مشغل جديد اتصالات بقيمة 300 مليون دولار، على أن تكون حصة الجانب السوري من الأرباح مستقبلاً 20%، بالإضافة إلى الحصول على ترخيص لإنشاء مصفاة نفط في حمص، بقدرة تمكّنها من تكرير 140 ألف برميل يومياً من النفط السوري الخفيف والثقيل

وواصلت إيران دعم البنية التحتية لمناطق سيطرة النظام التي اتسعت من 18% إلى ما يقارب 65% بعد عام 2015، من خلال الاستثمار في مشاريع إنشاء محطات لتوليد الكهرباء، وتطوير مناطق صناعية، وغيرها، بقيمة 850 مليون يورو، وآخر هذا الدعم والاستثمار هو العقد الموقع بين الطرفين السوري والإيراني باستثمار ميناء اللاذقية.

التغيير الديموغرافي:

عملت إيران على دمغ المناطق التي تسيطر عليها بطابع طائفي على حساب السكان السنة السوريين، وقامت بعدما وفرت لها المؤسسات الرسمية التابعة للأسد كل التسهيلات، بتجنيس غير السوريين الذي جندتهم بميليشياتها، كما سهلت هذه المؤسسات أيضًا عمليات تزوير الإيرانيين لأوراق تثبت شراءهم عقارات لسوريين نزحوا أو قُتِلوا، فأصبح اليوم يستوطن الآلاف من الإيرانيين دمشق وريفها، وعند مزاراتها الشيعية تسمع اللغة الفارسية أكثر من العربية باللكنة السورية، ويقدر عدد المجنسين بـ45 ألف إيراني، بُعَيْدَ انطلاق الثورة، حيث بدأ بتجنيس الكثير من الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين على أسس طائفية صرفة، وتهدف هذه العملية لتهيئة الأرضية الشرعيّة والقانونية للميليشيات المقاتلة إلى جانب نظام الأسد في حربه التي يشنها على المواطنين، وبالتالي فإنه يرفع من فعالية الاستفادة القصوى من هذه الميليشيات ليس في هذه الفترة فقط وإنما في المستقبل، إذ أنه من المعروف وفقًا للعديد من التسريبات أنّ النظام سيطالب في حال بدء أي عمليّة مفاوضات جدية برحيل كل المقاتلين الأجانب الموجودين داخل الأراضي السوريّة كشرط أوّل، وفي هذه الحالة فإنه يقصد المجموعات التي تقاتله ويستثني منها المجموعات التي تقاتل إلى جانبه؛ لأنّها تكون بموجب القانون سوريّة بعد تنفيذ لعبة التجنيس التي يقوم بها اليوم ومن المعروف اليوم أنّ هناك عشرات الآلاف من أفراد الميليشيات الشيعيّة التي أتت من الخارج للمقاتلة إلى جانب النظام لاسيما من العراق ولبنان والتي تضاعف عددها خاصّة بعد دخول ميليشيا “حزب الله” على الخط، وبعد توقيع الحكومة العراقية ونظام الأسد اتفاقًا لرفع التأشيرة بين البلدين، والذي كان الهدف منه تسهيل مرور الميليشيات الداعمة للنظام بشكل شرعي بما لديها من عتاد وأسلحة.

المقامات الشيعية في سورية

حتى عام 1995 لم يكن في سوريا غير حوزتين هما الحوزة الزينبية وحوزة الإمام الخميني، حتى باتت منطقة السيدة زينب يطلق عليها “قم الصغرى” بحسب لـ”البعث الشيعي”، واستمرت الحركة التبشيرية الشيعية بدعم إيراني واضح حتى وفاة حافظ الأسد، وكانت العديد من الحوزات قد افتتحت في عهده لتؤسس بناءً صلبًا يبنى عليه فيما بعد، وما إن أتى الابن بشار الأسد إلى الحكم بالتوريث، حتى بدأ ملالي طهران باستثمار العلاقة القوية التي تربطهم بالابن، فحصلوا على موافقات وتراخيص غير اعتيادية لإقامة حوزات جديدة وحسينيات، حتى باتوا يقيمونها دون أخذ الموافقة، وباتت المواكب واللطميات الشيعية عادية في عهد الابن، وبدأوا بلعن الأمويين في عاصمتهم على مرأى من أهل دمشق وشيوخها. ومع تطور الأحداث السياسية والاجتماعية بعد حرب العراق والبدء برسم الهلال الشيعي في المنطقة، كان النفوذ الإيراني يتسع في المنطقة يومًا بعد يوم، خاصة بعد حرب 2006 بين “إسرائيل” وحزب الله، إذ اتسعت شعبية الحزب وإيران من خلفه في البلدان العربية وفي سوريا على وجه التحديد، نتيجة الحرب كان “انتصارًا” كما روجت إيران والنظام السوري، ما أثر بشكل كبير على التغلغل أكثر وأكثر داخل المجتمع السوري. وفيما يلي نستعرض أبرز المراقد والمقامات الشيعية، بالإضافة إلى أهم الحوزات العلمية الشيعية، وكيف عملت على جعل سوريا تابعة لإيران بشكل مباشر.

  • مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب في دمشق: لم يكن في منطقة السيدة زينب أي شيعي قبل عام 1976 بل كانت قرية سنية خالصة، كما حصلت هجرة من العراق وإيران إليها بعد تأسيس الحوزات الشيعية لتصبح مع الأيام “قم الصغرى” في سوريا، إذ تضم أكبر عدد من الحسينيات والحوزات الشيعية. وبعد عام 2012 هُجِّرت العائلات السنية المتبقية في منطقة السيدة زينب وجرى الاستيلاء على ممتلكاتهم من منازل ومحال تجارية وغيرها، وتعتبر المنطقة إحدى وجهات الحج الشيعي من كل الدول وأبرزها إيران، فقد كان عدد الزائرين يقارب 27.000 عام 1978 ليزداد إلى 290.000 عام 2003، حتى وصل إلى مليون ونصف مليون في السنوات الأخيرة.
  • مقام السيدة رقية بنت الحسين في دمشق: يعتبر مقام السيدة رقية أقرب مركز شيعي لجامع الأموي الكبير في دمشق، حيث يتخذ من حي العمارة مقرًا له، “استُملك المقام من الحرس الثوري الإيراني في مربع سكني كامل، ويعد مستوطنة إيرانية، وهو ثاني مزار، من حيث الأهمية، بعد مزار السيدة زينب” ويعد إمام مسجد رقية نبيل الحلباوي من أبرز الشخصيات الشيعية في سوريا
  • مقام السيدة سكينة بنت علي بن أبي طالب في دمشق: يعتبر مقام “السيدة سكينة” في منطقة داريا بريف دمشق أحد الأدلة على اختلاق إيران لمقامات لم تكن موجودة بالأساس، ولم يوثقها المؤرخون ولا أتت في الكتب أو الروايات، فقد اختلقت إيران مقام السيدة سكينة بنت علي بن أبي طالب في المدينة، وزار مسؤولون إيرانيون بارزون الموقع للتعبير عن دعمهم لهذا المشروع، ومن أبرزهم الرئيس محمود أحمدي نجاد وهاشمي رفسنجاني وغيرهم.
  • مقام سكينة بنت الحسين في مقبرة باب الصغير: ذكر ابن جبير في رحلته وجود مقام سكينة في مقبرة باب الصغير بدمشق، وهو قائم إلى اليوم، وذلك ضمن مقبرة، يقال إنها لآل البيت، وللسيدة سكينة بنت الحسين مقام في دمشق، وفق مصادر الشيعة “باب الصغير” وآخر في القاهرة. 
  • مشهد الحسين في مدينة حلب أو مسجد النقطة: مشهد الحسين أو مسجد النقطة هو مقام أنشئ في عهد الدولة الحمدانية الشيعية في حلب في القرن الرابع الهجري، وهناك عدد من الأضرحة تنسب إلى الحسين، فله مقام في دمشق حيث دفن رأسه، وآخر في كربلاء حيث قتل، وثالث في القاهرة.
  • مقام عمار بن ياسر وأويس القرني في مدينة الرقة: وافقت الحكومة السورية على طلب إيران عام 1988، السماح لها بالاعتناء بمقام الصحابي عمار بن ياسر الذي يضم أيضًا ضريح كل من الصحابي: أبي بن قيس النخعي والتابعي أويس القرني في الرقة، والإشراف على ترميمه وتوسيعه وبناء جامع كبير عليه كأحد المقامات المقدسة الشيعية، وقد دشن مقام عمار بن ياسر عام 2004. ويعتقد أنه في هذه المقبرة بعض قبور من قتل في معركة صفين قرب الرقة بين علي ومعاوية وجنودهما، لكن لا يوجد دليل على ما يقولون، لا سيما أن هذه المقبرة على يسار الفرات في الجزيرة في حين دارت رحى صفين على الضفة اليمنى للفرات في الشامية، ولا يوجد داع لنقل القتلى إلى الجزيرة، ولم يكن هذا معهودًا لا سيما أن عدد القتلى كان كبيرًا”. استطاعت طهران استصدار أوامر من حكومة بشار الأسد بنبش قبور هذه المقبرة، فقد كانت مقبرة عامة لأهل السنة في المنطقة، ونقلت القبور المنبوشة إلى مكان آخر، وبقي قبران فقط يُزعم أنهما لعمار وأويس، وبنت إيران مقامًا كبيرًا هناك.
  • مقام حجر بن عدي في مرج عدرا قرب دمشق: بنى الشيعة مسجدًا فخمًا على ما زعموا أنه قبر لحجر بن عدي الصحابي الذي ناصر علي بن أبي طالب، ويوجد هذا المقام في منطقة عدرا.

الحوزات العلمية

هي عبارة عن مراكز دراسات شيعية تعمل على تخريج دعاة، وهي شبيهة بالمعاهد الأكاديمية، وعلى الرغم من أن الحوزة تعتبر مكانًا تعليميًا، إلا أنها كانت دائمًا منطلقًا للتشييع وخاصة في سوريا، إذ عملت الحوزات على نشر المذهب الشيعي، وفي أيام الثورة السورية كانت مهمتها تحريضية وتجييشية ضد الشعب السوري، ويعتبر المرجع العراقي محمد حسن مهدي الحسيني الشيرازي، ذو الأصل الإيراني أول من أقام حوزة شيعية في منطقة السيدة زينب عام 1976.

أُسس في منطقة السيدة زينب خلال عامي 1995-2000 ما يزيد على خمس حوزات علمية، وارتفع العدد بين عامي 2001-2006، إلى أكثر من 12 حوزة وثلاث كليات للتعليم الديني، ووفقًا للدراسات والأبحاث فإن عدد الحوزات وصل إلى 69 حوزةً، تعمل على جذب الطلاب الشيعة من الجنسيات كافة للدراسة المجانية فيها، وتشجيعهم على الاستقرار في سوريا والحصول على الجنسية السورية وممارسة الدعوة للمذهب الشيعي، ومن أهم الحوزات في سورية بحسب المصادر:

  • الحوزة الزينبية أسست عام 1979.
  • حوزة الإمام الخميني أنشئت عام 1981.
  • حوزة المرتضى 1995، أسسها محمد حسين فضل الله.
  • حوزة المصطفى للعلوم القرآنية، أسسها الشيخ جمال الوكيل الأمين العام لحركة الوفاق الإسلامي عام 1995.
  • حوزة أهل البيت، أسسها السيد محمد الموسوي عام 1996.
  • حوزة الإمام السيستاني، أسسها بالنيابة عنه الشيخ حليم البهبهاني 1996.
  • حوزة المهدي العلمية للدراسات الإسلامية لعلي باقر قصور المرجع الشيعي الهندي 2002.
  • حوزة الإمام علي بإشراف الشيخ عبد المنعم الحكيم المرجع العراقي 2001.
  • حوزة فقه الأئمة الأطهار التي أسسها آية الله محمد فاضل اللتكراتي 2006.
  • حوزة الإمام علي أو الحوزة الحيدرية لمؤسسها محمد حسين فضل الله.
  • حوزة الإمام جواد التبريزي أسسها عباس النزاع.
  • حوزة الإمام الصادق.
  • حوزة الرسول الأعظم.
  • حوزة الإمام المجتبى.
  • حوزة الإمام الحسين.
  • حوزة إمام الزمان التعليمية.
  • حوزة الشهيدين الصديقين.
  • حوزة الإمام المهدي العلمية للدراسات الإسلامية.
  • حوزة الإمام الأعظم في اللاذقية.
  • حوزة في تل أبيض.

 

أهم مؤسسات التعليم العالي الشيعية في سوريا

  • الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية الشيعية فرع دمشق، وتتخذ من مقام السيدة رقية في دمشق مقرًا لها ويرأسها نبيل الحلياوي، وأشهر كلياتها الإعلام واللغة العربية، وقسم الدراسات الإسلامية والدعوية على المذهب الجعفري، وأصول الدين الشيعي.
  • معهد رقية: يعد المعهد جزءًا من معهد الشام الإسلامي أو ما بات يُعرف بجامعة بلاد الشام، وهي هيئة تعليمية دينية تابعة لوزارة الأوقاف، ويقبل المعهد مدرسين وطلابًا من طوائف متعددة ويقدم لهم كثيرًا من المزايا التفضيلية، أما الدراسات الإسلامية على المذهب الجعفري، فهي محصورة فقط بالشيعة، ويتجاوز عدد الطلاب خمسة آلاف، ينتمون إلى الجنسيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والبحرينية واليمنية والباكستانية والأفغانية، وأنباء عن أن كثيرًا من طلاب المعهد يشاركون في القتال مع كتائب شيعية منها حزب الله اللبناني وعصائب أهل الحق العراقية وكتائب أبي الفضل العباس، وغيرهم.
  • فرع الجامعة الإسلامية الإيرانية الحرة آزاد، تأسست عام 2018 ومقرها في طهران وأعلنت خلال لقاء بين رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي مع وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد.

أبرز مراكز النشاطات الشيعية في مدينة ديرالزور:

  1. مؤسسة الشهيد في مدينة دير الزور: أسست إيران فرع لمؤسسة الشهيد في دير الزور في شهر آذار من هذا العام، وقامت بتعيين المدعوة منار الاسعد مديرة للفرع وهي زوجة المدعو فراس الجهام الملقب فراس العراقية قائد مليشيا الدفاع الوطني بدير الزور، حيث تقوم هذه المؤسسة بتوزيع عدد من الحصص الغذائية وربطات الخبز على مدار شهر كامل لعناصر الدفاع الوطني وعوائلهم وعوائل قتلى الدفاع الوطني التابعين للنظام وذلك بأوامر من الحرس الثوري الإيراني بهدف التقرّب من أهالي المدينة وتحسين صورة مليشيا الحرس الثوري والدفاع الوطني وحث الشبان للانتساب وإقناع الأهالي بالتشيّع.
  2. مركز الجهاد والبناء: هذا المركز موجود في مدينة الميادين بالقرب من السرايا ومبني البلدية السابق، وهو يتبع بشكل مباشر إلى الحرس الثوري الإيراني، المسؤول عن هذا المركز الحاج إبراهيم الإيراني، أما مديره فهو طلال الحموي من مدينة حماه، يقوم هذا المركز باستقطاب الأطفال دون سن 15، وترغيبهم بذريعة تعليمهم الرياضة والموسيقى وتقديم وعود لهم بدراسة الهندسة في إيران والحصول على الشهادات من هناك، وفي الحقيقة مهمة هذا المركز نشر المذهب الشيعي بين الأهالي وخاصة الأطفال عبر تقديم المال والهدايا والوعود للأطفال، بالإضافة إلى إقامة الحفلات التي تشجع على اعتناق المذهب الشيعي. يعمل في هذا المركز عدة أشخاص ومتطوعين مثل أحمد التيسير ومحمد الأدهم، وهناك امرأتان من دیر الزور اعتنقوا المذهب الشيعي وتم تكليفهم من قبل الحرس الثوري الإيراني لإغراء النساء والفتيات.
  3. مركز البصيرة: يقع هذا المركز على أطراف مدينة الميادين باتجاه قلعة الرحبة، كان سابقاً مزرعة ولكن تم الاستيلاء عليها من قبل الميليشيات الإيرانية وحولته إلى مركز لنشر التشيع وتعليمه للعناصر المنتسبين للميليشيات الإيرانية ولأبنائهم. المسؤول عن هذا المركز يدعى الحاج إبراهيم الإيراني ونائبه الحاج قاسم، أما الشخص الذي يعطي الدروس الشيعية يدعى الحاج مهدي، وهو إيراني الجنسية يتكلم اللغة العربية بشكل جيد، يتم إرسال الشباب الحضور هذه الدورات عن طريق شخص يدعى أبو العباس عدنان السعود، قائد لواء أبو الفضل العباس التابع للحرس الثوري الإيراني حيث يتم إغراؤهم بالمال والمكافآت، وهناك أشخاص تم إرسالهم إلى حماه واللاذقية وحلب للخضوع لدورات دينية شيعية هناك.
  4. مشفى الشفاء: قامت الميليشيات الإيرانية بالاستيلاء على أحد منازل أهالي مدينة الميادين وحوّلته إلى مشفى لتقديم الخدمات الطبية بأسعار بسيطة وبإشراف شخص يدعى سيد مهدي وهو أفغاني الجنسية، وكل شخص يحضر للمشفى يتم تسجيل بياناته ومعلومات عنه للضغط عليه لاحقا وإقناعه بالتشيَّع، حيث تستغل الميليشيات الإيرانية فقره وحاجته إلى العلاج من أجل إدخاله في المذهب الشيعي.
  5. كما قامت إيران بافتتاح مركز عيادات تحت اسم عيادات سارية الحسون في حي فيلات البلدية بمدينة دير الزور يقدم الخدمات الطبية بهدف نشر التشيع بين السكان. الحاج صادق مسؤول المركز الثقافي الايراني بدير الزور في فرع شبيبة الثورة التابع لنظام الأسد بدير الزور وذلك برفقة راشد الفيصل مسؤول مركز كشافة المهدي في دیر الزور مجتمعاً مع سومر فيصل الظاهر أمين فرع الشبيبة في دير الزور، واتفق الطرفان على عمل دورات مشتركة بين فرع الشبيبة والمركز الثقافي الإيراني، مناقشة موضوع المنح الدراسية والدورات الثقافية في إيران وترغيب فئة الطلاب للانتساب إلى المركز مع إغرائهم بعروض مادية خلال مراحل دراستهم.

الخاتمة

لا شك في أن الدور الذي قامت به الميليشيات الشيعية في سورية ساعد كثيرًا في بقاء نظام الأسد على قيد الحياة، منذ عام 2012 حتى الآن، إلا أن الخطر الأكبر الذي ستكرسه هذه الميليشيات هو المساعدة في فرض التغلغل الأمني والعسكري في صفوف الجيش السوري، إضافة إلى التغلغل الاجتماعي والاقتصادي والفكري في المجتمع السوري، إذ إن ذلك التغلغل سيحقق الهدف الإستراتيجي لملالي طهران المتمثل في تحقيق التغيير الديموغرافي في سورية، واستنادا الى ماتمر به الأزمة السورية من منعطفات وتحولات دولية  قائمة على مبدأ تقاسم النفوذ الذي يحفظ توازن القوى نسبياً، بين الدول الفاعلة، وعلى رأسهم إيران على اعتبار أنها تواجه ضغوطات إقليمية دولية كبيرة حول وجودها في سورية، وفي سياق ذلك، تؤدي المعادلة السورية البنيوية للنظام والشعب، مع مسار المعادلتين الإقليمية والدولية، دوراً هاماً في دفع إيران للنظر في آلية مُثلى للحفاظ على نفوذها الجيوسياسي والجيواقتصادي الاستراتيجي في سورية، وباعتبار ذلك، يبدو أن السيناريوهات التي تحمل آليات بناء النفوذ الناعم، كسيناريوي التوغل المؤسسي والتغلغل الشعبي الناعمين، والتكيّف مع معادلة المحاصصة الجغرافية، هي الأكثر محاكاة للاستشراف الواقعي.

إعداد : محمد سليمان

قيم الدراسة
5/5