مقدمة:

سجل معدل الجرائم ارتفاعًا ملحوظًا في معظم المحافظات السورية، كما سجل مؤشر الجريمة في سوريا مستوى عاليًا، عند 67.68 نقطة “من أصل 120″، بحسب موقع “noumbo “، المتخصص بمراقبة مستوى المعيشة عالميًا، حيث بات فقدان الشعور بالأمان سمة عامة في أغلب المحافظات والمدن السورية، فعمليات الخطف المتكررة بين الحين والآخر تهدد المواطنين في وضح النهار، لا سيما مع انتشار عمليات خطف الأطفال، والتي لا تتوقف وتعمل على زيادة نشاطها في عدد من المناطق كدرعا ودمشق وريفها وإدلب والسويداء وحلب.

الأسباب:

  • الحرب السورية والانفلات الأمني، الذي وفر المناخ الملائم لظهور عصابات الخطف في أنحاء سورية كافة، التي عملت على اختطاف الأفراد والأطفال بصورة خاصة ذكورًا وإناثًا، حيث يتم العثور عليهم مقيدين عقب سرقة أعضائهم، واغتصاب الفتيات قبل قتلهن، وثبت تورط بعض المليشيات والشبيحة التابعة للنظام في مناطق سيطرتهم والفصائل التابعة للنفوذ التركي ولو بنسبة أقل، بالإضافة الى القوات الكردية في مناطق سيطرتها، دون وجود رادع حقيقي بالإضافة الى التغاضي وربما وصل لدرجة المشاركة.

 

  • عمليات النزوح والتهجير، والتي أدت إلى ارتفاع معدلات النزوح للمواطنين السوريين من المناطق التي تشهد تصاعد في موجات العنف والاقتتال إلى المناطق الأقل عنفًا، وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، لا سيما مع تصفية معاقل تنظيم “الدولة الإسلامية” وكذلك عمليات التهجير القسري التي شهدها المواطنون بهدف إعادة التوزيع الديموغرافي كما هو الحال في مناطق النفوذ التركي والفصائل، وكذلك المناطق التي تشهد انتشاراً إيرانياً، ما أدى إلى زيادة عمليات الاختطاف نتيجة انتشار أعضاء عصابات خطف الأطفال بين النازحين الذين ليس لديهم خبرة بالمناطق الجديدة التي نزحوا إليها أو بأهالي هذه المناطق.

 

  • وجود أطفال بدون جنسية وأوراق ثبوتية، بعد أن تم تشريد ما يقارب من 5 ملايين طفل سوري في الداخل والخارج، ما أسفر عن انعدام وجود أوراق ثبوتية لعدد كبير من الأطفال، لا سيما من ولدوا في مخيمات اللجوء وفي المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الجهادية، ما ينتج عنه أطفالا دون جنسية، خاصة مع غلق وتعطيل الدوائر القانونية ودوائر القيد في معظم مناطق الصراع؛ ما يترتب عليه زيادة في نشاط عصابات خطف الأطفال في المناطق التي يوجد فيها أطفال لا يملكون أوراق ثبوتية، ما يسهل عمليات خطف واختفاء هؤلاء الأطفال، ويعد مخيم “الهول” من أبرز المخيمات التي ترتفع فيها معدلات تغيب الأطفال، وأيضا المخيمات في شمال غرب سوريا.

 

  • تفشي ظاهرة تجنيد الأطفال كمرتزقة، حيث فتحت تلك الظاهرة المجال أمام عصابات الخطف إلى استغلال الأطفال الذين اختطفوا وتسليمهم للقوى المسيطرة في مناطق النفوذ المختلفة ليتم تجنيدهم ضمن صفوف قوات النفوذ.

 

  • الفدية الباهظة، حيث تلجأ عصابات الخطف إلى طلب مبالغ مالية باهظة كفدية من ذوي الأطفال لإعادتهم، حيث تم إلقاء القبض على عدد من هذه العصابات في مناطق متفرقة من مناطق السيطرة المختلفة.

 

  • رواج تجارة الأعضاء حيث تلجأ عصابات الخطف إلى التربح من اختطاف الأطفال عن طريق بيعهم لشبكات تجارة الأعضاء، حيث يتم الاستفادة من أعضائهم بعد الخطف وإلقاء جثثهم، وباتت عمليات اختطاف الأطفال من قِبل أشخاص مجهولين تؤرق حياة المدنيين، إذ تصاعدت حالات خطف الأطفال التي لم يتبعها تواصل بين الخاطفين وأهالي الأطفال، ما يشير إلى أن الخطف كان بهدف تجارة الأعضاء.

 

  • انتعاش عمليات الإتجار في البشر والاستغلال الجنسي والتسول، حيث تزداد عمليات خطف الأطفال مع ارتفاع معدل استغلال الأطفال في العمالة غير القانونية والأعمال الشاقة وأعمال العنف والجريمة والتسول، وكذلك الاعتداءات الجنسية والاغتصاب.

 

شكلت مناطق النظام البؤرة الأكبر والمكان الملائم لانتشار هذه الظاهرة مقارنة ببقية مناطق السيطرة الأخرى في سوريا ، وكان أغلب الضحايا ومازال من المعتقليين السوريين في سجون النظام حيث يتم استئصال أعضاء منهم وبشكل رئيسي القرنية العينية والكلى وتتم هذه العملية بشكل رئيسي في كل من مشفى 601 في دمشق والمشفى العسكري في حمص وتجري تصفية المعتقل بعد عملية الاستئصال وأول من بدأ بعملية الاستئصال هو الدكتور موريس مواس مدير مشفى حمص العسكري والذي ينحدر من وادي النصارى غرب مدينة حمص وكان برتبة لواء ، وأما في مشفى ال 601 بدمشق فكانت عمليات الاستئصال تتم بإشراف الدكتور كاسر علي المنحدر من مدينة القرداحة، مع العلم أن كلا الطبيبين هلكا بمرض كورونا.
وتتم عمليات البيع بالاشتراك مع ضباط الأفرع الأمنية حيث تم فرز مجموعة من الأمن العسكري بمشفى حمص بقيادة المساعد علي حمدان مهمتها إحصاء عمليات الاستئصال وتصفية المستهدفين بعد ذلك عن طريق حقنهم بإبر قاتلة، وكانت تقوم بذلك الممرضه سوسن عبود وهي من بنات حي الزهراء بحمص.
وفيما يتعلق بعمليات البيع فكانت تتم لعدة جهات منها جهات لبنانية شيعية حيث بيعت القرنية الواحدة بمبلغ 2000$أمريكي فيما بيعت الكلية الواحدة بمبلغ 6000$ أمريكي، أما عمليات الاستئصال الأخرى فكانت ومازالت تتم عن طريق شبكات خاصة حيث يتم خطف أشخاص واستئصال أعضاء منهم ومن ثم قتلهم وهذه الحالات سجلت أكثرها في مدينة دمشق وأغلب أعضائها من الجنسية اللبنانية.
ويعتبر الدكتور عباس حامية مع شخص يدعى علي زعيتر من أكبر تجار الأعضاء وفقا لبعض المصادر الخاصة، حيث يتم بيع هذه الأعضاء الى تجار مافيا الأعضاء في قبرص ومنهم إسرائيليون، بالإضافة لحوادث بيع أعضاء بموافقه ذوي المتوفى وهذه الحالات تتوسع بشكل كبير خصوصا مع تردي الوضع المعاشي في سوريا والعدد الكبير والمتتالي من القتلى على يد النظام سواء من المقاتلين أو من المعتقلين.

خاتمة:

إن عدم التصدي لعصابات الاختطاف، خاصة خطف الأطفال في مناطق النفوذ المختلفة في الأراضي السورية، يفرز عددا من الظواهر السلبية التي تؤدي لتهديد أجيال بأكملها من السوريين لا ذنب لهم إلا أنهم سوريون، وبالتالي، لابد أن يتحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤوليته بضرورة التدخل بشكل جاد لحماية حقوق الأطفال السوريين، وإعادتهم لذويهم وحمايتهم من تبعات الحروب الأهلية في بلادهم.