تابع الشعب السوري بكل أطيافه تلك الثورة العشائرية التي قام بها أبناءً العشائر في ديرالزور ضد احتلال قوات سوريا الديمقراطية لمناطقهم وثرواتهم، وأنها مشروع انفصالي خارج الدولة السورية المنشودة، وقد رافق ذلك حراك السويداء والذي أصبح نغمة سورية ينشدها السوريون من الشرق إلى الجنوب ومع اللون الأخضر في الشمال، ولا شك أن هذا الحراك السوري المتنوع حرك المياه الراكدة، وأعاد الساحة السورية إلى مسرح الأحداث مجددا، وأظهر أن لاجدوى من سياسة الأمر الواقع التي تفرضها بعض الدول على السوريين.
واخترت تحديد الثورة بأيامها العشر لأنها لم تدم أكثر من ذلك، وهذا العنوان قد لا يعجب الكثير من أبناء المنطقة ( شرق الفرات) الذين لازالوا يعيشون بحلم إنشاء منطقة عربية نموذجية، تكون مأوى لجميع السوريين الأحرار، بجميع أطيافهم كبقعة زيت خضراء تمتد وتكبر حتى تشمل كل التراب السوري، ولعلي وأنا ابن المنطقة من حقي أن أناقش هذه الثورة وما وقعت به من أخطاء، وهذا لا ينفي طهرها ولا ينفي حقها المشروع .
الثورة العربية التي أحيت الدم في عروق الثوار في رأيي أنها ولدت ميتة وذلك لعدة أسباب :
▪️عدم التجهيز لهذه الثورة بكل ما تحتاجه من أدوات .
▪️الفهم السياسي لمنطقة تحت سيطرة التحالف الدولي حيث لن يسمح بالسيطرة العسكرية دون تفاوض سياسي يتخلل العمل دون الذهاب بعيدا.
▪️الثورة العشائرية تأخرت بالإعلان عن القيادة السياسية والعسكرية وفضلت الإعلان عن رمزية عشائرية.
▪️الحماسة أنست القائمين على العمل الجيوب التي تعيش بينهم وتتبع لقسد بسبب المنافع المالية المستفادة من النفط .
▪️لم يتم الإعلان عن الرؤيا والأهداف بل فقط طرد المحتل دون خارطة طريق .
▪️لم يتم تحديد العلاقة مع النظام السوري وإيران بشكل واضح وصريح، كما لم يتم تحديد العلاقة مع المعارضة السورية في الشمال وأنها امتداد أو فكرة جديدة !
▪️غياب الرمزية (الشيخ) التي صنعتها هذه الثورة عن المشهد أضعفت الثورة وساهمت في إنهائها، وإلى هذه اللحظة الناس تبحث عن فيديو يظهره بين مناصريه بدلا من الصوتيات مجهولة المصدر!
ولازال الناس يراهنون على نجاح هذه الثورة التي تبددت، ويساهمون بنشر أي معلومة دون التحقق من صحتها، وآخرها انسحابات كبيرة ومفاوضات وانتصارات….وكل هذا وهم الحلم العربي …حيث لا يريد السوري أن يفيق من حلم قد يصنع سوريا الحرة، ومازال السوريون يتعلقون بنجاح هذه التجربة، وهذا ما يعكس نشر وتضخيم انسحابات قسد من المنطقة، ومازلنا نتعلق بخبر منه هنا وخبر من هناك !!
أين وصلت الأمور وماذا نريد ؟
والحقيقة ما جرى ليس عملية انسحاب كليّة لقوات «قسد»، بل عملية انسحاب تكتيكي وشكلي، حافظت فيه ميليشيا قسد على قوة ضاربة بجوار الحواجز الرئيسة عند مدخل القرى والبلدات ذات الأغلبية العربية، وما كان تدخل الأمريكان إلا لفرض (هدنة) نزولاً عند الوعود التي قدموها لزعماء بعض العشائر (الذين تربطهم علاقات جيدة بقسد) وكانت عبارة عن إعادة الأمور إلى سابق عهدها مع الوعود المستمرة والصارمة بالنظر في المظالم، وهذه الوعود ستتبخر يوما بعد يوم مادام العرب لا يملكون أدوات ضغط لتحقيق مطالبهم، وننتظر صناعة ثوبا جديدا صبغته عربية مطرزا باللون الأصفر تصنعه قسد ليلبسه أبناء المنطقة كما المجلس العسكري المنحل بقيادة أحمد الخبيل .
العرب في تلك المنطقة بحاجة إلى حراك سياسي ضاغط وواضح المعالم، تقوده كتلة سياسية من أبناء المنطقة تتسلح بمطالبهم وبقوة تمثيلهم، وتكون دائرة الحراك في أروقة الدول، لتقديم مشروع حقيقي يمتد بعيدا، وإظهار جرائم وأخطاء قسد وفشلها في المنطقة، وما تلك الثورة إلا ترجمة لتراكمات سابقة، وسيتكرر هذا الحراك مرات عديدة ما لم يتم تبني مشروعا حقيقيا يمثل أبناء المنطقة بشكل منصف وحقيقي، وعلينا الاستفادة من أخطائنا السابقة في المرات القادمة، ويجب أن نعرف ما نريد …
كتبه/ خالد الحماد