أجوبة سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-
بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله وخليله وأمينه على وحيه؛ نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا ريب أن الله جل وعلا أمر بطاعة ولاة الأمر، والتعاون معهم على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، فقال جل وعلا: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} هذا هو الطريق؛ طريق السعادة، وطريق الهداية، وهو طاعة الله ورسوله في كل شيء، وطاعة ولاة الأمور في المعروف من طاعة الله ورسوله، ولهذا قال جل وعلا: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.
فطاعة ولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله، فإن أولي الأمر هم الأمراء والعلماء والواجب طاعتهم في المعروف، أما إذا أمروا بمعصية الله، سواء كان أميرا أو ملكا أو عالما أو رئيس جمهورية، أو غير ذلك، فلا طاعة له في ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» والله يقول: {ولا يعصينك في معروف} يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول الله -عز وجل-: {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم} فالله أمر بالتقوى، والسمع، والطاعة، يعني في المعروف، لذا فإن النصوص يشرح بعضها بعضا، ويدل بعضها على بعض، فالواجب على جميع المكلفين التعاون مع ولاة الأمور في الخير، والطاعة في المعروف، وحفظ الألسنة عن أسباب الفساد والشر والفرقة والانحلال، ولهذا يقول الله جل وعلا: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} أي ردوا الحكم في ذلك إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في اتباع الحق والتلاقي على الخير والتحذير من الشر، هذا هو طريق أهل الهدى، وهذا هو طريق المؤمنين.
أما من أراد دفن الفضائل، والدعوة إلى الفساد والشر، ونشر كل ما يقال مما فيه قدح بحق أو باطل؛ فهذا هو طريق الفساد، وطريق الشقاق، وطريق الفتن، أما أهل الخير والتقوى فينشرون الخير، ويدعون إليه، ويتناصحون بينهم فيما يخالف ذلك؛ حتى يحصل الخير، ويحصل الوفاق والاجتماع والتعاون على البر والتقوى؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} ويقول سبحانه: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} .
ومعلوم ما يحصل من ولاة الأمر المسلمين من الخير والهدى والمنفعة العظيمة؛ من إقامة الحدود، ونصر الحق، ونصر المظلوم، وحل المشاكل، وإقامة الحدود والقصاص، والعناية بأسباب الأمن، والأخذ على يد السفيه والظالم، إلى غير هذا من المصالح العظيمة، وليس الحاكم معصوما؛ إنما العصمة للرسل عليهم الصلاة والسلام فيما يبلغون عن الله عليهم الصلاة والسلام، لكن الواجب التعاون مع ولاة الأمور في الخير، والنصيحة فيما قد يقع من الشر والنقص، هكذا فهم المؤمنون، وهكذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، والنصيحة لهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» الحديث، ويقول عليه الصلاة والسلام: “الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة” قالوا: يا رسول لمن؟ قال: “لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم” وقال عليه الصلاة والسلام: “من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة”
ولما سئل عن ولاة الأمر الذين لا يؤدون ما عليهم قال صلى الله عليه وسلم: «أدوا الحق الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم» فكيف إذا كان ولاة الأمور حريصين على إقامة الحق، وإقامة العدل، ونصر المظلوم، وردع الظالم، والحرص على استتباب الأمن، وعلى حفظ نفوس المسلمين ودينهم وأموالهم وأعراضهم، فيجب التعاون معهم على الخير، ترك الشر، ويجب الحرص على التناصح والتواصي بالحق؛ حتى يقل الشر، ويكثر الخير.
وقد من الله على هذه البلاد بدعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، ومناصرة جد هذه الأسرة الإمام محمد سعود -رحمه الله- لهذه الدعوة، وحصل بذلك من الخير العظيم، ونشر العلم والحق، ونشر الهدى والقضاء على الشرك، وعلى وسائل الشرك وعلى قمع أنواع الفساد من البدع والضلالات؛ ما يعلمه أهل العلم والإيمان، ممن سبر هذه الدعوة، وشارك فيها، وناصر أهلها.
فصارت هذه البلاد مضرب المثل في توحيد الله والإخلاص له، والبعد عن البدع والضلالات، ووسائل الشرك، حتى جرى ما جرى من الفتنة المعلومة؛ التي حصل بسببها العدوان على هذه الدعوة وأهلها، ثم جمع الله الشمل على يدي الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود والد
الإمام فيصل بن تركي -رحمهم الله-، ثم على يد ابنه فيصل بن تركي، ثم على يد ابنه عبد الله بن فيصل بن تركي، ثم حصلت فجوة بعد موت الإمام عبد الله بن فيصل رحمه الله.
فجاء الله بالملك عبد العزير، ونفع الله به المسلمين، وجمع الله به الكلمة، ورفع به مقام الحق، ونصر به دينه، وأقام به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحصل به من العلم العظيم والنعم الكثيرة، وإقامة العدل، ونصر الحق، ونشر الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- ما لا يحصيه إلا الله -عز وجل-، ثم سار على ذلك أبناؤه من بعده في إقامة الحق، ونشر العدل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فالواجب على جميع المسلمين في هذه المملكة التعاون مع هذه الدولة في كل خير، وهكذا كل من يقوم بالدعوة إلى الله ونشر الإسلام والدعوة إلى الحق؛ يجب التعاون معه في المشارق وفي المغارب، فكل دولة تدعو للحق، وتدعو إلى تحكيم شريعة الله، وتنصر دين الله يجب التعاون معها أينما كانت.
وهذه الدولة السعودية دولة مباركة نصر الله بها الحق، ونصر بها الدين، وجمع بها الكلمة، وقضى بها على أسباب الفساد، وأمن الله بها البلاد، وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله، وليست معصومة، وليست كاملة، كل فيه نقص، فالواجب التعاون معها على إكمال النقص، وعلى إزالة النقص، وعلى سد الخلل؛ بالتناصح والتواصي بالحق، والمكاتبة الصالحة، والزيارة الصالحة، لا بنشر الشر والكذب، ولا بنقل ما يقال من الباطل؛ بل يجب على من أراد أن يبين الحق ويدعو إليه، وأن يسعى في إزالة النقص بالطرق السلمية، وبالطرق الطيبة، وبالتناصح، والتواصي بالحق، هكذا كان طريق المؤمنين، وهكذا حكم الإسلام، وهكذا طريق من يريد الخير لهذه الأمة، أن يبين الخير والحق وأن يدعو إليه، وأن يتعاون مع ولاة الأمور في إزالة النقص، وإزالة الخلل، هكذا أوصى الله -جل وعلا- بقوله سبحانه: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} ويقول -سبحانه-: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} .
فالدين النصيحة، الدين النصيحة، فمن أهم الواجبات التعاون مع ولاة الأمور في إظهار الحق، والدعوة إليه، وقمع الباطل والقضاء عليه وفي نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة بالطرق الشرعية.
ويجب على الرعية التعاون مع ولاة الأمور، ومع الهيئات، ومع كل داع إلى الحق، يجب التعاون على الحق وعلى إظهاره، والدعوة إليه، وعلى ترك الفساد والقضاء عليه، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، بالطرق التي شرعها الله في قوله -سبحانه-: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} .
وفي قوله سبحانه: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا}، وفي قوله سبحانه: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}، وفي قوله سبحانه: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}، وفي قوله -عز وجل- لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}.
أما ما يقوم به الآن محمد المسعري وسعد الفقيه وأشباههما من ناشري الدعوات الفاسدة الضالة؛ فهذا بلا شك شر عظيم، وهم دعاة شر عظيم، وفساد كبير، والواجب الحذر من نشراتهم، والقضاء عليها، وإتلافها، وعدم التعاون معهم في أي شيء يدعو إلى الفساد والشر والباطل والفتن؛ لأن الله أمر بالتعاون على البر والتقوى لا بالتعاون على الفساد والشر، ونشر الكذب، ونشر الدعوات الباطلة التي تسبب الفرقة واختلال الأمن إلى غير ذلك.
هذه النشرات التي تصدر من الفقيه أو من المسعري -أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة- يجب القضاء عليها، وإتلافها، وعدم الالتفات إليها، ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق، وتحذيرهم من هذا الباطل، ولا يجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذا الشر، ويجب أن ينصحوا، وأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يدعوا هذا الباطل ويتركوه.
ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم: أن يدعوا هذا الطريق الوخيم، وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه، وأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم، والله سبحانه وعد عباده التائبين بقبول توبتهم، والإحسان إليهم، كما قال سبحانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون} وقال سبحانه: {وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفحلون} والآيات في هذا المعنى كثيرة.
والمقصود أن الواجب على جميع المسلمين التعاون مع ولاة الأمور في الخير والهدى والصلاح حتى يحصل الخير ويستتب الأمن، وحتى يقضى على الظلم، وحتى ينصر المظلوم، وحتى تؤدى الحقوق، هذا هو الواجب على المسلمين؛ التعاون مع الولاة، ومع القضاة، ومع الدعاة إلى الله، ومع كل مصلح في إيجاد الحق، والدعوة إليه وفي نصر المظلوم، وردع الظالم وإقامة أمر الله، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، والتخلص من الباطل، ويجب التعاون والتناصح لمن حاد عن الخير؛ فينصح ويوجه إلى الخير وأسباب النجاة؛ حتى يحصل الخير العظيم والمصالح العامة، وحتى يقضى على الفساد والشر والاختلاف بالطرق الشرعية، والناس في خير ما تناصحوا وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا تعاونوا على الباطل وعلى الشر والفساد؛ ساد البلاء، ونزع الأمن، وانتصر الباطل، ودفن الحق، وهذا هو الذي يحبه الشيطان والذي يدعو إليه شياطين الإنس والجن، فالواجب الحذر مما يدعو إليه شياطين الإنس والجن، والتواصي بكل أسباب الأمن، وبكل أسباب الخير والهدى، والتواصي بالتعاون مع ولاة الأمور في كل خير، ومع كل من يدعو إلى الخير، وإقامة أمر الله، وفي نصر الحق وفي إقامة المعروف، والتعاون مع كل مصلح فيما يدحض الباطل وفي التحذير من الباطل، والتحذير من أسباب الفرقة والاختلاف.
هذا هو الواجب كما قال -سبحانه وتعالى-: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}، وقال -جل وعلا-: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}، وقال سبحانه: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، هذا هو الذي فيه النجاة والإيمان الصادق والعمل الصالح والعاقبة الحميدة، وبهذا يكثر الخير، ويحصل التعاون على البر والتقوى، ويدحض الشر، وتأمن البلاد، ويستتب الأمن، ويحصل التعاون على الخير، ويرتدع السفيه المفسد، وينتصر صاحب الحق وصاحب الهدى.
ونسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يوفق الجميع للخير، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يعيذنا وإياهم من شرور النفس، وسيئات الأعمال واتباع الهوى، وأن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن، كما نسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن يعينهم على كل خير، وأن ينصر بهم الحق، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق أعوانهم للخير، وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرع الله، وأن يجعلنا وإياهم من الهداة المهتدين.
كما نسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى؛ إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
سؤال: سماحة الشيخ، هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير؛ وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد؛ والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة، فما رأي سماحتكم؟.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} [النساء، الآية: 59].
فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر؛ وهو الأمراء والعلماء، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة وهي فريضة في المعروف.
والنصوص من السنة تبين المعنى، وتفيد بأن المراد: طاعتهم بالمعروف، فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية، لكن لا يأتي الخروج عليهم بأسبابها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة». “من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات؛ مات ميتة جاهلية”. وقال صلى الله عليه وسلم: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».
وسأله الصحابة لما ذكر أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون قالوا: فما تأمرنا؟ قال: “أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم”.
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه؛ فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة؛ في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان».
فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم؛ إلا أن يروا كفرا بواحا؛ عندهم من الله فيه برهان، وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير، إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة. أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرا أكثر؛ فليس لهم الخروج، رعاية للمصالح العامة، والقاعدة الشرعية المجمع عليها “أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه”.
وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا؛ عندها قدرة على أن تزيله، وتضع إماما صالحا طيبا، من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان؛ فلا بأس.
أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الاغتيال، إلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير، هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح المسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
سؤال: سماحة الوالد: نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة، ولكن هناك للأسف من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام، لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير؟.
الجواب: هذا غلط من قائله وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي، وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع، كما وقعت الخوارج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن يقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة.
فالخوارج كفروا بالمعاصي وخلدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة وأنهم في النار مخلدون فيها، ولكن قالوا: إنهم في الدنيا في منزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.
والذي عليه أهل السنة هو الحق؛ أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها، فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذا شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا، تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك؛ إلا إذا استحل المعصية وقال: إنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل، ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «إنهم يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون فيه». “يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان”. هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم. فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فيقفون مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة بالمكاتبة والمشافهة بالطرق الطيبة الحكيمة، بالجدال بالتي هي أحسن حتى ينجحوا وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير.
هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: آية 159].
فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا بحدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور؛ بالكلام الطيب والحكمة والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله بشتى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم في ظهر الغيب: أن الله يهديهم ويوفقهم ويعينهم على الخير، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها، وعلى إقامة الحق، هكذا يدعو الله ويضرع إليه أن يهدي الله ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن بالتي هي أحسن، وهكذا مع إخوانه الغيورين، ينصحهم ويعظهم ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة، وبهذا يكثر الخير ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.
سؤال: يظن البعض من الشباب أن مجافاة الكفار ممن هم مستوطنون في البلاد الإسلامية أو من الوافدين من الشرع، ولذلك البعض يستحل قتلهم وسلبهم إذا رأوا منهم ما ينكرون؟.
الجواب: لا يجوز قتل الكافر المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنا، ولا قتل العصاة، ولا التعدي عليهم؛ بل يحالون للحكم الشرعي، هذه مسائل يحكم فيها بالحكم الشرعي.
سؤال: وإذا لم توجد محاكم شرعية؟.
الجواب: إذا لم توجد محاكم شرعية فالنصيحة فقط، لولاة الأمور، وتوجيههم للخير والتعاون معهم، حتى يحكموا شرع الله، أما أن الآمر والناهي يمد يده أو يقتل أو يضرب؛ فلا يجوز، لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن، حتى يحكموا شرع الله في عباد الله، وإلا فواجبه النصح، وواجبه التوجيه إلى الخير، وواجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن، هذا هو واجبه، قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: آية: 16]، ولأن إنكاره باليد بالقتل أو الضرب يترتب عليه شر أكثر، وفساد أعظم بلا شك ولا ريب لكل من سبر هذه الأمور وعرفها.
سؤال: هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر، وما منهج السلف في نصح الولاة؟.
الجواب: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به؛ حتى يوجه إلى الخير، وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل؛ فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر أن فلانا يفعلها، لا حاكم ولا غير حاكم، ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: “ألا تكلم عثمان”؟ فقال: “إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم، إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه”.
ولما فتحوا الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة؛ تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني؛ وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الناس ولي أمرهم؛ وقتلوه، نسأل الله العافية.
سؤال: ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية، هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟.
الجواب: يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} وأولو الأمر هم: العلماء والأمراء، أمراء المسلمين وعلماؤهم، يطاعون في طاعة الله؛ إذا أمروا بطاعة الله، وليس في معصية الله.
فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف؛ لأن بهذا تستقيم الأحوال، ويحصل الأمن، وتنفذ الأوامر، وينصف المظلوم، ويردع الظالم.
أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور، وأكل القوي الضعيف، فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله؛ في المعروف، سواء كانوا أمراء أو علماء: العالم يبين حكم الله، والأمير ينفذ حكم الله، هذا هو الصواب في أولي الأمر؛ هم العلماء بالله وبشرعه، وهم أمراء المسلمين؛ عليهم أن ينفذوا أمر الله، وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق، وأن تسمع لأمرائها في المعروف، أما إذا أمروا بمعصية -سواء كان الآمر أميرا أو عالما- فإنهم لا يطاعون في ذلك؛ إذا قال لك أمير: اشرب الخمر، فلا تشربها، أو إذا قال لك: كل الربا، فلا تأكله، وهكذا مع العالم؛ إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه، والتقي لا يأمر بذلك، لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق.
والمقصود: أنه إذا أمرك العالم أو الأمير بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله، وإنما الطاعة في المعروف؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ولكن لا يجوز الخروج على الأئمة ولو عصوا، بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة، ولا تنزعن يدا من طاعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «على المرء المسلم السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة»، ويقول عليه الصلاة والسلام: “من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة، فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية” وقال عليه الصلاة والسلام: “من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم، فاقتلوه كائنا من كان”.
والمقصود: أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور؛ من الأمراء والعلماء، وبهذا تنتظم الأمور، وتصلح الأحوال، ويأمن الناس، وينصف المظلوم، ويردع الظالم، وتأمن السبل، ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا؛ إلا إذا وجد منهم كفر بواح، عند الخارجين عليه من الله برهان، ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين، وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة. أما إذا كانوا لا يستطيعون؛ فليس لهم الخروج، ولو رأوا كفرا بواحا؛ لأن خروجهم يضر الناس، ويفسد الأمة، ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق، ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه، وليضعوا مكانه وليا صالحا ينفذ أمر الله؛ فعليهم ذلك، إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، وعندهم قدرة على نصر الحق، وإيجاد البديل الصالح، وتنفيذ الحق .
السؤال الثاني: هل عجزهم يعتبر براءة للذمة؛ أي ذمتهم؟
الجواب: نعم يتكلمون بالحق ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويكفي ذلك، والمعروف: هو ما ليس بمعصية؛ فيدخل فيه المستحب والواجب والمباح، كله معروف؛ مثل الأمر بعدم مخالفة الإشارة في الطريق، فعند إشارة الوقوف؛ لأن هذا ينفع المسلمين، وهو في الإصلاح، وهكذا ما أشبهه .
السؤال الثالث: ما حكم سن القوانين الوضعية؟ وهل يجوز العمل بها؟ وهل يكفر الحاكم بسنه هذه القوانين؟
الجواب: إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به، مثل أن يسن قانونا للطرق ينفع المسلمين، وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع، ولكن لتسهل أمور المسلمين؛ فلا بأس بها، وأما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها، فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني، أو لا حد على السارق، أو لا حد على شارب الخمر؛ فهذا قانون باطل، وإذا استحله الوالي كفر؛ لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع، وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك.
السؤال الرابع: كيف نتعامل مع هذا الوالي؟
الجواب: نطيعه في المعروف، وليس في المعصية، حتى يأتي الله بالبديل.
السؤال: تحدثتم سماحة الشيخ في اللقاء المفتوح الذي عقد في جدة مؤخرا عن نعم الله تعالى على هذه البلاد: نعمة الإسلام، ونعمة الأمن، ونعمة تطبيق شرع الله، فكيف يحافظ المجتمع على هذه النعم؟
الجواب: الواجب على المسلمين حكومة وشعبا في هذه البلاد أن يشكروا الله سبحانه وتعالى على ما من به عليهم من نعمة الإسلام، ونعمة الأمن، وأن يتواصوا بذلك دائما، ويكون الشكر؛ بأداء الفرائض، وترك المحارم، والوقوف عند حدود الله، هذا هو الشكر، كما قال تعالى: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} وقال سبحانه وتعالى: {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور} فالواجب هو الشكر الحقيقي؛ قولا وعملا وعقيدة، فيشكر كل فرد الله بقلبه وقوله وعمله، ويخافه ويرجوه، ويتحدث بنعمه جل شأنه، كما قال تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث} كما يجب الشكر بالعمل، وذلك بأداء الفرائض، وبترك المحارم التي حرمها الله من الزنى والسرقة والعقوق وقطع الأرحام والربا والغيبة والنميمة .. إلى غير ذلك من المعاصي، فهذا كله من الشكر.
السؤال: لقد قامت الدولة في المملكة العربية السعودية منذ أن تأسست على تطبيق شرع الله وعلى إقامة حكمه فما الواجب علينا جميعا تجاه هذه المسئولية؟
الجواب: من الواجب على الرعية مساعدة الدولة في الحق، والشكر لها على ما تفعل من الخير، والثناء عليها، كما يجب عليهم معاونة الدولة في إصلاح الأوضاع فيما قد يقع فيه شيء من الخلل؛ بالأسلوب الطيب، والكلام الحسن، لا بالتشهير، وذكر العيوب بالصحف وعلى المنابر، ولكن بالنصيحة، والمكاتبة، والتنبيه على ما قد يخفى، حتى تزول المشاكل، وحتى يحل محلها الخير والإصلاح، وحتى تستقر النعم، ويسلم الناس من حدوث النقم، ولا سبل إلى هذا إلا بالتناصح، والتواصي بالخير. والواجب على الدولة – وفقها الله – أن تجتهد فيما يكون قد وقع من خلل في إصلاحه، وأن تجتهد في كل ما يرضي الله عز وجل ويقرب إليه، وفي إزالة كل ما نهانا عنه الله عز وجل، وأن تقوم بواجبها في إصلاح ما هو مخالف للشرع، وأن تجتهد في إزالة ذلك بالتعاون مع العلماء والموظفين والمسئولين الطيبين والصالحين ومع هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
السؤال: عندما تقع بعض السلبيات أو المنكرات في المجتمع فما السبيل الأمثل – في نظر سماحتكم – نحو معالجة هذه السلبيات وإنكار المنكرات؟
الجواب: السبيل أوضحه الله – عز وجل – حيث يقول: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} ويقول سبحانه: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} ويقول جل وعلا: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} ويقول سبحانه وتعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} هذا هو السبيل وهو التعاون على البر والتقوى؛ والتواصي بالحق، والنصيحة، ودعوة الناس إلى الخير، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر؛ بالأسلوب الحسن، والكلمات الطيبة، والرفق؛ حتى يعم الخير ويكثر، وحتى يزول الشر ويندثر، وهذا هو المطلوب من الجميع؛ من الدولة، ومن العلماء، ومن أهل الخير، ومن أعيان المسلمين، ومن العامة كل بحسب طاقته ولكن بتحري العبارات الطيبة، والأسلوب الحسن، حتى يحصل الخير ويزول الشر.